للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ماله سوى المكاتب، وما يؤخذ منه، فإن الأمان فيها باق ويجوز أن ينتقص الأمان، فإن أدى المكاتب المال إلى وكيله عتق وبعث الوكيل المال إلى الحربي، وإن عجز المكاتب نفسه رق وعاد ملكًا للحربي كما كان ورد إلى سيده فإن مات سيده قبل أن يرد قال ههنا: يرد إلى ورثته لأنه مال له أمان فوارثه بمثابته، وقال في كتاب السير: يكون مغنومًا ومعناه يكون فيئًا لأنه مال حربي، واختار المزني القول الأول لما ذكرنا من الوجه، فإذا قلنا بالقول الثاني يؤدي مال كتابته إلى بيت المال، فإذا عتق بالأداء يكون ولاؤه [١٢٨/أ] لكافة المسلمين، وإن رق كان فيئا لأن الأمان بطل على ما ذكرنا. وقال ابن أبي هريرة: إذا نقض السيد الأمان، وخرج إلينا محاربًا هل نغنم مكاتبه فيه قولان أيضًا: أحدهما: يغنم كما قلنا في الموت، والثاني: لا ينغم ويكون الأمان مستبقى في حقه لأنه يجوز أن يكون للحربي أمان على ماله دون نفسه.

مسألة: قال: «فإ، خرج ف سبي فمن عليه، أو فودي به».

الفصل

عطف الشافعي رضي الله عنه بهذه المسألة عليه إذا مات، وهي إذا خرج السيد إلى دار الحرب وبقي مكاتبه عندنا على ما بيناه فسبى السيد فالإمام فيه بالخيار بين أربعة أشياء أن يمن عليه، أو يقاد به، أو يقتله، أو يسترقه، فإن قتله، فهو كما لو مات، وقد ذكرنا حكمه، وإن أطلقه، أو فاداه بمال أو برجال، فالملك على حالته لأن له أمانًا فيه، فإن كل مال تركه في دار الإسلام ولم يحمله مع نفسه فإن له فيه أمانًا وما يحمله مع نفسه ينتقص الأمان فيه كما ينتقص في نفسه، فإن قيل: أليس قد صار بالسبي رقيقًا وزال ملكه، فلم رددتموه إليه؟، قلنا: نصف الشافعي ههنا على أنه لا يكون رقيقًا لأنه مال فمن عليه به أو فودي، فلم يكن رقيقًا، وإنما يصير رقيقًا باسترقاق الإمام إياه، وإن استرقه الإمام زال ملكه عنه بالاسترقاق ولا ينتقل ماله إلى سيده الذي استرقه لأن السيد إنما يملك إكساب عبده بعد استرقاقه، وذلك مال قد كسبه قبل الاسترقاق، فلم يملك سيده، ولا يكون أيضًا لوارث هذا الأسير المسترق لأنه مملوك حي، ولا يورث مملوك حي، فنقول: كتابته بحالها لا تبطل ولا يجوز أن يؤديها إلى وكيل السيد لأن الاسترقاق أبطل وكالته، ويكون الحاكم هو القابض [١٢٨/ب] وحكم الاسترقاق مبني على حكم موته، فإن قلنا: لو مات لا يغنم ماله فههنا أولى أن لا يغنم ويترك حتى يعتق فيسلم إليه أو يموت رقيقًا، فيكون حينئذ مغنومًا ولا موروثًا لأن ورثته لا يرثونه إذا مات عبدًا، وإن قلنا: إذا مات يغنم ماله، فههنا قولان: أحدهما: يغنم ويكون فيئًا لأهل الفيء لأن رقه ينافي ملكه كموته ينافي ملكه، والثاني: لا يغنم لأنه يجوز أن يعتق، فيعود مالكًا بخلاف ما لو مات لاستحالة حياته بعد موته وهذا اختيار أبي إسحاق، والأول اختيار

<<  <  ج: ص:  >  >>