للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعتقه كافرًا بكتابة، أو غير كتابة فسباه المسلمون كان رقيقًا لأن لا أمان له من مسلم نفسه يسترق إذا قدر عليه، ففرق الشافعي بين أن يعتق المسلم فلا يسترق [١٢٧/ أ] وبين أن يعتق الكافر فيسترق، وعلل في المسلم بأنه في أمان منه وفي الكافر أنه ليس بأمان من مسلم وسيده يسترق لو قدر عليه، وعلل أبو إسحاق وابن أبي هريرة وصاحب «الإفصاح» بأن لسيده عليه حق الولاء، فلا يجوز إسقاطه بالاسترقاق، وقال ابن أبي هريرة: هذا مراد الشافعي من قوله، لأن له أمانًا من مسلم بإعتاقه إياه. وقال القاضي الطبري: هذا وإن كان تعليلاً صحيحًا، فليس بمراد الشافعي، وإنما قصد الشافعي به أن نفس الكتابة والعتق عقد أمان له، لأنه يمنع نفسه بكل واحد منهما من نفسه وما له يدل على ذلك أن المسلم إذا كاتب عبده في دار الحرب، ثم قهره على نفسه وحمله إلى دار الإسلام. قال الشافعي: لا تبطل الكتابة لأنه في أمان منه فدل أن المراد بالأمان ما ذكرنا، وأما الظاهر فما لقاله الشافعي في الكافر أنه الكافر الحربي لأنه قال: ويسترق الذي أعتقه إن قدر عليه، فأما إن كان مكاتبًا لذمي فلحق بدار الحرب قدر ذكرنا وجهين في جواز استرقاقه فظاهر تعليل الشافعي يقتضي أن يجوز لأنه ليس بأمان مسلم.

وأما إذا حارب مكاتب المسلم ومعتق المسلم يجوز قتاله وإن منعنا من استرقاقه لا يختلف المذهب فيه.

مسألة: قال: «ولو كاتب المستأمن عندنا عبده فأراد إخراجه».

الفصل

جملة هذا: أن الكافر الحربي إذا كاتب عبده ثم دخلا دار الإسلام بأمان، أو دخلا دار الإسلام بأمان، ثم كاتبه فقد انقطع سلطانه عنه، فإن أراد العبد [١٢٧/ ب] الرجوع إلى دار الحرب لم يكن للسيد منعه منه لأن تصرفه قد انقطع عنه، وإنما بقي له في ذمته دين، وإذا أراد السيد الرجوع إلى دار الحرب ينظر في العبد، فإن أراد الرجوع معه لم يمنع لأن للمستأمن أن يرجع إلى دار الحرب، وإذا رجعا فالكتابة باقية بحالها. وقال أبو حنيفة: إذا رجعا بطلت الكتابة وعتق العبد وهو خطأ لأنه عقد معاوضة فلا يبطل بمثل هذا، ولو امتنع المكاتب من الرجوع مع السيد إلى دار الحرب وجاء إلى الحاحكم وقال: إنه يقهرني على الحمل معه، ولست آمن أن يغلبني على نفسي، ويبطل كتابتي فالحاكم يمنعه منه ويقول له: إن شئت أقمت حتى تقبض نجومه وإن شئت خرجت ووكلت من يقبضها لك، فإن اختار المقام نظر في النجوم، فإن كانت تحل في أقل من سنة فليس عليه الجزية، وإن لم تحل إلا في سنة، فإنه يمنع من المقام في دار الإسلام سنة إلا بجزية، فإذا خرج ورجع إلى دار الحرب فقد انتقض الأمان في نفسه وفي سائر

<<  <  ج: ص:  >  >>