للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن أراد تعجيل دين الأجنبي لم يكن له ذلك لأنه يجري مجرى التبرع، فهو كالهبة وإن أراد تعجيل مال الكتابة فهو هبة من سيده، فيكون بمنزلة الهبة بإذنه فيه قولان إلا أنه لا يؤدي مال الكتابة من العبد الجاني لأن أرش الجناية يتعلق برقبته وهو مرتهن، فليس له أن يتصرف فيه حتى يفكه من الجناية.

وإن كان قد حجر عليه بأن كان المال الذي في يده يضيق عن ديونه فسأل غرماءه الحاكم الحجر عليه فحجر فإن تصرفه ينقطع بذلك كما قلنا في الحر المحجور عليه ويكون الأمر إلى الحاكم. قال الشافعي: فيؤدي الحاكم إلى سيده وإلى الناس [١٣٤/ب] ديونهم شرعًا، وأراد به أن يقسم بينهم بالحصص ولا يقدم بعضهم على بعض، وهذا لأن الكتابة ما دامت باقية فدين سيده لأن لازم كدين الحر سواء وليس مراد الشافعي أن يقضي كل واحد منهم جميع دينه لأنه ربما يحجر عليه إذا لم يكن في يده ما يفي بما عليه وخيف النقصان، وظهرت أماراته، وهذا ظاهر في كلام الشافعي لأنه قال عقيبه: «فإن لم يكن عنده ما يؤدي هذا كله عجزه» فدل أن ماله لا يفي بديونهم حتى حجر عليه، هكذا ذكره أبو إسحاق، وقال ابن أبي هريرة: يبدأ بدين المعاملة على مال الكتابة وأرش الجناية إذا لم يكن في المال وفاء بالجميع لأن صاحب الدين لا حق له في الرقبة، وكذلك المجني عليه. وقال القاضي الطبري: لا يختلف أصحابنا أن مذهب الشافعي هذا وتأويل ظاهر كلام الشافعي أنه أراد إذا كان ماله يفي بقضاء ديونه، وإنما حجر عليه لأنه خيف إفلاسه فيسري حينئذ في القسمة والثاني: أنه أراد به إذا رضي أصحاب الديون بذلك وعلى هذا إذا دفع إلى صاحب الدين حقه نظر، فإن بقي معه شيء دفع إلى المجني عليه وقدم على السيد لأنه يأخذ بالجناية والسيد يأخذ بالملك، وحق الجناية مقدم على الملك، ثم إذا قضى حق الجني عليه، فإن بقي معه شيء دفعه إلى السيد وإلا عجزه السيد وإن لم يكف بقي بعد قضاء الدين شيء فلكل واحد من السيد والمجني عليه تعجيزه على ما ذكرنا ثم إذا اختار تعجيزه انفسخت الكتابة وبرئت ذمة المكاتب مما عليه من حق السيد وبقي حق المجني عليه متعلقًا برقبته وإن لم [١٣٥/أ] يختر السيد تعجيزه واختار المجني عليه ذلك، قيل: للسيد أتختار الفداء؟، فإن اختار ذلك بقي على الكتابة وإن لم يختر فللأجنبي أن يرفع الأمر إلى الحاكم حتى يفسخ الكتابة ويبيعه في الجناية، فإن كان ثمنه قدر الأرش أو أقل دفع إليه، وإن كان أكثر ف الفضل للسيد وعلى هذا لو أدى أولاً دين السيد لم يعتق إلا بإذن الغرماء وإذا قلنا: يقول أبي إسحاق فأخذ كل واحد منهم بعض حقه فللسيد والمجني عليه تعجيزه إياه لا يفيده شيئًا ويستضر به لأنه ما دام مكاتبًا يكتسب يطالبه بما بقي من حقه فإذا صار عبدًا فماله في ذمته يطالبه إذا عتق، فإن أنظره السيد والمجني عليه ترك على الكتابة، فإن رجعا ف يه وأراد تعجيزه كان لهما لأن الإنظار في الدين الحال لا يلزم

<<  <  ج: ص:  >  >>