عند الشافعي خلافًا حنيفة والمستحب أن لا يرجعا عن ذلك، وإذا عجزه السيد والمجني عليه، أو أحدهما عاد ملكًا للسيد. قال الشافعي:«ثم خير الحاكم سيده بين أن يفديه بالأقل من أرش الجناية، أو يباع [فيها] فيعطى أهل الجناية حقوقهم دون من داينه» لأن ذلك في ذمته متى عتق اتبع به، فأوجب الشافعي تسليم العبد، أو أقل الأمرين من الأرش أو يسلمه للبيع، وقد ذكرنا ذلك.
وفرع أبو العباس فقال: إذا مات المكاتب وفي يده مال لا يفي بالحقوق فقد انفسخت الكتابة بالموت وسقط حق السيد من المال، وعاد رقبته إلى ملكه وحق المجني عليه من الأرش يسقط أيضًا لفوات الرقبة فيبقى دين المعاملة ويدفع ذلك من المال الذي في يده، فإن فضل شيء كان للسيد لأنه كسب عبده فهذا كله إذا كان [١٣٥/ب] في يد المكاتب مال، قال: فإن لم يكن في يده شيء بحال فلا يخلو، إما أن ينظره أصحاب الحقوق، أو لا ينظروه، فالحكم على ما ذكرنا وعند أبي حنيفة إذا عجزه السيد والمجني عليه يتعلق دين المعاملة بالرقبة كما قال في المأذون إذا ركبه الديون.
فرع
قال بعض أصحابنا بخراسان: إذا حجر عليه بسبب الديون الحالة هل تحل الديون المؤجلة فيه طريقان: أحدهما: قولان: كما قلنا في الحر المفلس والثاني: تحل قولاً واحدًا بخلاف الحر لأن هناك اجتماع حجر ورق وللرق تأثير في إبطال الذمة بدليل أن الشافعي قال في الحربي: يسترق وعليه دين مؤجل يحل.
مسألة: قال: «وسواء كانت الجنايات متفرقة أو معًا، أو بعضها قبل التعجيز، أو بعده يتحاصون في ثمنه معًا».
اعلم أنه إذا جنى المكاتب جنايات على جماعة فلزم بها أرش نظر، فإن كان في يده مال يفي بالأروش كلها دفع منه وبقي الحكم بينه وبين السيد، فإن أدى النجوم عتق وإن لم يؤد كان له استرقاقه، وإن لم يكن في يده واختاروا تعجيزه والبيع في حقوقهم، فإن كان ثمنه يفي بحقوقهم دف ع إلى كل واحد منهم قدر حقه وإن كان لا يفي قسط ثمنه على أروش الجنايات ودفع إلى كل واحد منهم قدر ما يصيبه منه ولا فرق بين أن يكون جنى على جماعتهم دفعه، أو على بعض بعد البعض أو على بعضهم بعد التعجيز وعلى بعضهم قبل التعجيز، وهذا لأنها مزدحمة على رقبته ف لا ترتيب فيها، فإن أبرأه بعضهم عما وجب له من الأرش رجع حقه إلى الباقين فيسقط عنهم ويتوفر ذلك على حقوقهم لأن المزاحمة قد سقطت، [١٣٦/أ] فإن اختار السيد أن يفديه ويبقيه على الكتابة فله ذلك على ما ذكرنا.