لأن في ذلك مصلحة للعبد وحظًا له، والمطلوب بالكتابة حظه فتنفذ الوصية فيما يحتمله الثلث منه، وهو قدر نصفه ويبقي النصف، فإن أدي إلى الورثة عتق، وإن كان لهم استرقاقه وإنما اعتبرنا الأقل منهما لأنه لو اعتبر كل واحد منهما بكماله كان الاعتبار بخروج أقلهما من الثلث، كذلك إذا اعتبر خروج البعض منهما وجب أن يعتبر الأقل، وإنما سوى الشافعي بين أن يقول المريض لمكاتبه: أعتقتك، أو أبرأتك مما عليك، لأن العتق إبراءٌ مما عليه، فإن قيل: أليس قلتم لو أدي بعض ما عليه لسيده لم يعتق منه شيء حتى يكمل الأداء فلم أعتقتم ههنا بعضه، وقد بقي عليه بعض مال الكتابة قيل: المكاتب إذا أدي إلى سيده بعض مال الكتابة، فلم يحصل الصفة ولا حصل الاستيفاء بحق المعاوضة، فلم يستفد بذلك عتقًا وههنا إنما حكمنا بالعتق في حقه لرأته من مال الكتابة، وإنما رددنا العتق في بعضه لحق الورثة، فافترقا.
مسألة: قال: «ولو أوصي بعتقه عتق بالأقل من قيمته أو بما بقي عليه».
الفضل
أعلم أنه إذا كاتب عبدًا في صحته ثم أوصي بعتقه، أو أوصي بأن يبرأ من مال الكتابة، أو يوضع مال الكتابة عنه، [١٤٥/ أ] فمات نظر، فإن كان الثلث يحتمل قدر قيمته ويحتمل المال الذي عليه وجب على الورثة تنفيذ الوصية، وإن كان الثلث يحتمل أحدهمنا دون الآخر اعتبر الأقل منهما ويعتق ويلغي حكم الآخر، وإن كان الثلث لا يحتمل واحدًا منهما اعتبر الأقل منهما فتنفذ الوصية فيما يحتمله الثلث منه كما قلنا في المسألة قبلها إلا أن في تلك المسألة إذا احتمل الثلث أخذنا حكم بنفوذ الوصية بفعل الموصي، وفي هذا الموضع لابد من أن ينفذ الورثة ذلك، فإذا ثبت هذا فإنه إذا احتمل الثلث ثلث المال الذي عليه، فإن ذمته تبرأ من ذلك القدر، ويبقي ثلثا المال ثم لا يخلو. إما أن يكون قد حل عليه مال الكتابة فظاهر ما ذكره الشافعي: أن العتق يتنجز للمكاتب في ثلثه وتبقي الكتابة في ثلثيه إلى وقت حلول المال عليه، وبه قال أبو إسحاق، قال: ومثل هذا أن يكون له على رجل ألف درهم إلى سنة فأبرأه من مرضه ولم يخلف غيره يبرأ في الحال من ثلثه ولا يجوز أن يقال: لا يبرأ حتى يحل الدين عليه ولا أن يعجل الدين قبل محله واجب عليه، وإنما الموضع الذي لا يجوز أن يحصل للموصي له شيء حتى يحصل للورثة مثلاه هو أن يخلف مالًا غائبًا، أو دينًا على غير الموصي له، ومالًا حاضرًا، ولا يجوز أن يأخذ واحد إلا بالقسط لأن الغرر فيما أوصي للموصي له كالغرر فيما خلفه على الورثة، فعلى الجميع أن يصبروا وههنا لا ضرر على الورثة لأنه إن أدي، وإلا عاد الباقي إلى الورثة رقيقًا، ومن أصحابنا من قال: لا يعتق منه شيء حتى يؤدي إلى الورثة مال الكتابة، ثم يعتق عليه ثلثه لأن