للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوصية [١٤٥/ ب] لا تتنجز للموصي له إلا بعد أن يحصل للورثة مثلاها، وهو اختيار ابن أبي هريرة وصاحب «الإفصاح» والمذهب الأول، ثم قال: وقال في «الإملاء» على مسائل مالك: «لو اعتقه عند الموت ولا مال له غيره عتق ثلثه لأن الثلث لا يحتمل سوى ثلثه، فإن أدي ثلثي كتابته عتق كله، وإن عجز رق ثلثاه».

ثم قال: «ولو قال: ضعوا عني كتابته كانت وصية له، فيعتق بالأقل من قيمته، أو كتابته»، وهذا قد ذكرنا فيما مضي، وقلنا: لا فرق بين أن يقول: أبرؤوه مما عليه أو ضعوا عنه، كل ذلك وصية له بما عليه، ولا فرق بين أن يكون الذي عليه حالًا، أو مؤجلًا يعني صار حالًا بعدما كان مؤجلًا لأن الكتابة الحالة لا تجوز.

مسألة: قال: «ولو كاتبه في مرضه، ولا يخرج من الثلث، [وقفت فإن] أفاد [السيد] مالًا قبل الموت يخرج به من الثلث جازت الكتابة على جميعه».

الفضل

المريض إذا كاتب عبده صحت الكتابة لأنه مالك ثم ينظر فإن برأ من مرضه لزمت الكتابة في جميعه، وإن مات من مرضه اعتبرت من ثلثه، وقال أبو حنيفة: يعتبر من رأس المال، وهذا لا يصح لأن الكتابة هبة في الحقيقة لأن الرقبة ملك السيد والكسب له، فإذا كاتبه يبيع ماله بماله، فصار كما لو وهبه، ولا فرق بين أن تكون الكتابة بأضعاف من قيمته، أو أقل، ولأن الكتابة أجريت مجرى العتق المجرد لأن الولاء له في الكتابة كما في العتق المجرد، ثم ينظر فإن احتمل ثلثه [١٤٦/ أ] قيمة جميع العبد نفذت الكتابة في جميعه، وإن لم يخلف الميت شيئًا غيره، فإن الكتابة تلزم في ثلثه، قال الشافعي رضي الله عنه: إذا كانت كتابة مثله يعني بلا محاباة، ويبقي ثلثاه موقوفًا على إجازة الورثة، فإن أجازوها نفذت الكتابة، وإن ردوا بطلت في ثلثيه وبقيت في الثلث، فإذا أدي المال عتق، فإن قيل: أصلكم أن كتابة بعض العبد لا تجوز، وقد جوزتم ههنا قيل: قال أبو إسحاق: لم يختلف قول الشافعي: أنه لا يجوز أن يكاتب بعض عبده في حياته ولا يختلف قوله أيضًا في أنه يجوز أن يوصي بكتابة بعض عبده بعد مدته لأن حال الموت مخالف لحال الحياة، ويجوز فيه من التعزير ما لا يجوز في حال الحياة، ألا ترى أنه قال في الورثة: إذا ورثوا مكاتبًا، فعجزه أحدهم دون الباقين كان على الكتابة في نصيبهم.

ولأن ما يرثه الوارث فإنما يرثه مستحق الضرر في الثلثين، وليس كذلك الشريك، فإنه لم يستحق عليه الضرر، فلم تجز الكتابة في نصيبه بغير إذن شريكه، وأيضًا الكتابة ههنا وقعت على جميعه وصحت، وإنما فسخت الكتابة في بعضها لموضع الحاجة بخلاف المبتدئ بكتابة البعض، فإن قيل: إذا قلتم بفسخ الكتابة في بعضه وجب أن

<<  <  ج: ص:  >  >>