للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يلحقه عارها فلم نثبت ولايته لفقد معناها وليس كالوكيل الذي هو نائب غير مستحق لها وهو من ورائه مراعٍ لنفي العار عنه وعنها.

مسألة:

قال الشافعي: "وَفِي قَولِ النَبِيّ صلى الله عليه وسلم: "الأَيِّمُ أَحَقُ بِنَفسِهَا مِن وَلِيّهَا وَالبِكرُ تُستَأذَنُ فِي نَفسِهَا وَإذنُهَا صَمَاتُهَا" دَلَالَةٌ عَلَى الفَرق بَينَ الثَّيبِ وَالبِكرِ في أَمرَينِ أحدهما أنَ إذنِ البِكرِ الصَمتُ والَّتي تُخَالِفُهَا الكَلاَمُ وَالأخِر أنَّ أَمرَهُمَا في وِلاَيَةِ أَنفُسِهِمَا مُختَلَفٌ فَوِلايَةُ الثَّيِبِ أنَّها أحَقُّ مِنَ الوَليِّ هَهُنَا الأَبُ, واللهِ أعلَمُ دُونَ الأَولِيَاءِ". وهذا كما قال: قد ذكرنا المراد بالأيم هاهنا الثيب لما قدمنا, وإذا كان كذلك فقد استدل الشافعي بهذا الخبر على الفرق بين البكر والثيب في كلمتين:

إحداهما: الفرق بينهما في صفة الإذن.

والثاني: الفرق بينهما في الإجبار على العقد ونحن نقدم الكلام في الإجبار على العقد, لأنه أصل لم يعقبه بصفة الإذن في موضعه, فتقول: النساء ضربان: أبكار, وثيب, فأما الثيب فيأتي حكمهن.

وأما الأبكار فلهن حالتان؛ حالة مع الآباء, وحالة مع غيرهم من الأولياء, فأما حالهن مع الآباء فهن ضربان؛ صغار وكبار, فأما صغار الأبكار فللآباء إجبارهن على النكاح, فيزوج ابنته البكر الصغيرة من غير أن يراعى في اختيارها, ويكون العقد لازمًا لها في صغرها وبعد كبرها. وكذلك الجد وإن علا يقوم في تزويج البكر الصغيرة مقام الأب إذا فقد الأب, والدليل عليه وإن كان وفاقًا قوله تعالى: {واللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ المَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ واللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: ٤] يعني الصغار, والصغيرة تجب العدة عليها من طلاق الزوج, فدل على جواز العقد عليها في الصغر. وروي عن عائشة أنها قالت: "تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابنة سبع ودخل بي وأنا ابنة تسع ومات عني وأما ابنة ثماني عشر".

فرع:

وأما البكر فللأب أو للجد عند فقد الأب أن يزوجها جبرًا كالصغيرة, وإنما يستأذنها على استطابة النفس من غير أن يكون شرطًا في جواز العقد, وبه قال ابن أبي ليلى, وأحمد, وإسحاق. وقال أبو حنيفة: ليس للأب إجبار البكر البالغ على العقد إلا عن إذن, وبه قال الأوزاعي, والثوري, فجعل الإجبار معتبرًا بالصغيرة دون البكارة, وجعل الشافعي الإجبار معتبرًا بالبكارة دون الصغر. واستدل من نص قول أبي حنيفة برواية عطاء عن جابر أن رجلاً زوج ابنته وهي بكر فمات, ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>