فإذا أثبت أنها لا تجبر على نكاحه إذا أبت فكذلك لو بذلت له نفها لم يجبر على نكاحها إذا أبى لأن الشرط إذا لم يوجب إجبارها لم يوجب إجباره. وكان كل واحدا منهما على خياره. وإذا كانا كذلك فلها حالتان:
إحداهما: أن يتناكحا.
والثاني: أن لا يتناكحا. فإن لم يتناكحا إما لامتناعه أو امتناعها فله عليها قيمتها وإنما وجبت له عليها قيمتها؟ لأنه أعتقها على شرط منع الشرع من لزومه. فإذا فاته الرجوع برقبتها لنفوذ العتق رجع بقيمتها كما لو أعتقها على حمى أو حرى تجب له القيمة يوم العتق لا يوم الرجوع بالقيمة لأن بالعتق ومع الاستهلاك الموجب للقيمة. وهكذا لو أعتق على هذا الشرط أم ولده أو مكاتبته أم مدبرته لم يلزمهن أن يتزوجن به وكان له على كل واحدة منهن لأنهن مواء في تفارقهن فتساوين في عتقهن. وهكذا لو أعتقهن على أن يتزوج بهن ولم يقل على أن عتقهن صداقهن كان العتق نافذاً وله عليهن قيمتهن؛ لأن الشرط الذي في مقابلة عتقهن لم يلزمهن توجب العدول عنه إلى قيمتهن.
فرع
فإن اتفقا على أن نكحها فعلى ثلاثة أقسام:
أحدها: أن ينكحها على صداق معلوم معينا أو في الذمة فالنكاح بلا صداق جائز وله عليها قيمتها ولها عليه صداقها. فإن كان الصداق معيناً لم يجز أن يكون قصاصا وكذلك لو كان في الذمة من غير جنس القيمة لم يكن قصاصاً أيضاً، وان كان في الذمة من جنس القيمة فهل يكون قصاصا أم لا؟ على ما ذكرنا من الأقاويل الأربعة.
والثاني: أن ينكحها على أن يكون عتقها صداقها والنكاح جائز والصداق باطل. وقال أبو حنيفة: الصداق جائز وهذا خطأ؛ لأن العتق ليس بمال ولا عمل يعتاض عليه بمال، فلم يجز أن يكون صداقاً وصح النكاح؟ لأن بطلان الصداق لا يوجب فساد النكاح فتكون لها عليه مهر مثلها كما لو تزوجها على صداق فاسد من محرم أو مجهول ويكون له عليها قيمتها، فإن كانت القيمة مهر المثل من جنسين مختلفين لم يكونا قصاصاً، وان كانا من جنس واحد فهل يكون قصاصاً أم لا؟ على ما ذكرنا من الأقاويل.
والثالث: أن ينكحها على أن تكون قيمتها صداقًا فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يكونا عالمين بقدر القيمة فيكون النكاح والصداق جائزين؟ لأنه تزوجها على معلوم في ذمتها فصار كما لو تزوجها على دين في ذمتها من ثمن أو قرض وتبرأ من قيمتها بالصداق، ويبرأ من صداقها بالقيمة.
والثاني: أن يكونا جاهلين بقدر القيمة أو أحدها، فالنكاح جائز وفي بطلان الصداق قولان: