للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول البصريين أن جميعهم أكفاء من عدنان وقحطان؛ لأن في عدنان سابقة المهاجرين، وفي قحطان سابقة الأنصار، وعلي قياس قول البغداديين: إنهم يتفاضلون ولا يتكافئون فتفضل مضر في الكفاءة علي ربيعة ويفضل عدنان علي قحطان اعتباراً بالقرب من رسول الله صلي الله عليه وسلم، وقد سمع عليه السلام رجلاً ينشد:

إني امرؤ حميري حين تسبني لا من ربيعه آبائي ولا مضر

فقال عليه الصلاة والسلام:" ذاك أهون لقدرك وأبعد لك من الله".

فلو تقدمت قبيلة من العرب علي غيرهم نظر فإن كان ذلك لمأثرة في الجاهلية، أو لكثرة عدد كانوا وغيرهم من العرب أكفاء، وإن كان لسابقة في الإسلام كان علي الوجهين المحتملين، وأما سائر العجم فعلي قياس قول البصريين إن جميعهم أكفاء للفرس منهم والنبط والترك والقبط، وعلي قياس قول البغداديين إنهم يتفاضلون في الكفاءة، فالفرس أفضل من النبط لقول النبي صلي الله عليه وسلم: ولو كان الدين معلق بالثريا لتناوله قوم من أبناء فارس" وبنو إسرائيل أفضل من القبط الذين سلفهم وكثرة الأنبياء فيهم، فعلي هذا لو كان لقوم من الفرس شرف علي غيرهم نظر، فإن كان لملك قبل الإسلام أو مأثرة تقدمت لم يتقدموا به في الكفاءة علي غيرهم، وإن كان لسابقة في الإسلام احتمل ما ذكرناه من الوجهين المحتملين.

فصل

وأما الشرط الثالث: وهو الحرية فلقوله تعالي: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْدًا مَّمْلُوكًا لاَّ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ ومَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرًا وجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ} [النحل:٧٥] فمنع من المساواة بين الحر والعبد؛ ولأن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "المؤمنون تتكافيء دماءهم ويسعي بذمتهم أدناهم" يعني عبيدهم فجعل العبيد أدني من الأحرار، ولأن الرق يمنع من الملك وكمال التصرف ويرفع الحجر للسيد فكان النقص به أعظم من نقص النسب. وإذا كان كذلك لم يكن العبد كفء الحرة، ولا الأمة كفء الحر، وكذلك لا يكون المدبر ولا المكاتب ولا المعتق نصفه ولا من جزء من الرق وإن قل كفء الحرة، ولا تكون المدبرة والمكاتبة ولا أم الولد ولا المعتقة نصفها ولا من فيها جزء من الرق وإن قل كفء الحر. واختلف أصحابنا هل يكون العبد الكفء لمن عتق نصفها ورق بعضها، أو تكون الأمة كفؤاً لمن عتق بعضه ورق بعضه أم لا؟ علي وجهين:

أحدهما: لا تكون كفؤاً؛ لأن لبعض الحرية فضلاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>