والبرص، ويختص الرجال منها اثنتين هما: الجب والخصاء. وفي مقابلتها من النساء القرن والرتق، وإنما اعتبرت هذه العيوب الخمسة في الكفاءة؛ لأنه لما أوجبت وجودها فسخ النكاح الذي لا يوجبه نقص النسب فأولي ان تكون معتبرة في الكفاءة كالنسب. فأما العيوب التي لا توجب وتنفره منها النفس كالعمى والطقع والزمانه وتشويه الصورة، ففي اعتبارها في الكفاءة وجهان:
أحدهما: يعتبر لعدم تأثيرها في عقود المناكح.
والثاني: يعتبر لنفور النفس منها ولحصول المعرة بها. وقد روي أن النبي صلي الله عليه وسلم قال لزيد بن الحارثة:" أتزوجت يازيد" قال: لا. قال:"تزوج فتستعف مع عفتك ولا تتزوج من النساء خمساً"قال: وما هن يا رسول الله: قال:"لا تتزوج شهبرة، ولا لهبرة، ولا لنهبرة، ولا هندرة، ولا لفوتا". قال يا رسول الله، لا أعرف مما قلت شيئاً، فقال:"أم الشهبرة: فالزرقاء الزية، وأما اللهبرة: فالطويلة المهزولة، وأما النهبرة: فالعجوز المديرة، وأما الهندرة: فالقصيرة الدميمة، وأما اللفوت: فذات الولد من غيرك" ولو لم يكن لهذه الأحوال ونظائرها أثراً في الكفاءة لما أمر بالتحرز منها.
فصل
فإذا تقرر ما وصفنا من شروط الكفاءة، ونكحت المرأة غير كفء لم يخل نكاحها من ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يكون قد رضينه الزوجة وكرهه الأولياء، فالنكاح باطل علي ما قدمناه اعتباراً بحقوق الأولياء فيه.
والثاني: أن يكون قد رضيه الأولياء وكرهته الزوجة فالنكاح باطل اعتباراً لحقها فيه حتى لا يعرها من لا يكافئها.
والثالث: أن يكون قد رضينه الزوجة والأولياء فالنكاح جائز.
وقال مالك وعبد اله بن الماجشون: النكاح باطل.
وقال الثوري: يفسخ النكاح بينهما ولا يفرق. وحكي نحوه عن أحمد بن حنبل استدلالاً بما روي عن النبي صلي الله عليه وسلم انه قال:"لا تنكحوا النساء إلا الأكفاء ولا يزوجهن إلا الأولياء". فلما منع من إنكاح غير الكفء كما منع من نكاح غير الولي دل علي بطلانه لغير الكفء كما بطل بغير الولي. بوما روى عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالي عنه أنه قال:"لا يملك الإيضاح إلا الأكفاء". ودليلنا عموم قوله تعالي:{فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ}[النساء:٣] ولأن النبي صلي الله عليه وسلم قد زوج بناته ولا كفء لهن من قريب ولا بعيد؛ لأنهن أصل الشرف. وقد زوج فاطمة بعلي، وزوج أم كلثوم ورقيه بعثمان، وزوج زينب بأبي