للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل:

وأما الشرط الخامس: وهو المال فلقوله صلي الله عليه وسلم" تنكح المرأة لأربع: لمالها" ولما روى عنه صلي الله عليه وسلم أنه قال: " إن أحساب أهل الدنيا هذا المال". وقد قيل في تأويل قوله تعالي: {وإنَّهُ لِحُبِّ الخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العاديات: ٨] يعني المال، وإذا كان كذلك فإن كانوا من أهل الأمصار الذين يتفاخرون ويتكاثرون بالأموال دون الأنساب فالمال فيهم معتبر في شرط الكفاءة، وإن كانوا من البوادي وعشائر القرى يتفاخرون ويتكاثرون بالأنساب دون الأموال ففي اعتبار المال في شرط الكفاءة بينهم وجهان:

أحدهما: أنه شرط معتبر كأهل الأمصار لما فيه من القدرة علي أمور الدنيا.

والثاني: انه ليس بشرط معتبر؛ لأنه يزول فيفتقر الغني ويستغني الفقير، وقد روي عن النبي صلي الله عليه وسلم انه قال:" خير الناس مؤمن فقير يعطي جهده" يعني مقلاً ليس له إلا ما يزهد فيه لقلته. وروي عنه صلي الله عليه وسلم انه قال:"خير أمتي الذين لم يوسع عليهم حتى يبطروا ولم يقتر عليهم حتى يسألوا" ثم إذا جعل المال شرطاً في الكفاءة ليس التماثل في قدره معتبراً حتى لا يكافئ من ملك ألف دينار إلا من ملك مثلها، ولكن أن يكونا موصوفين بالغني فيصيرا كفئين، وإن كان أحدهما أكثر مالاً ولا يعتبر فيه أيضاً التماثل في أجناس المال، بل إذا كان مال أحدهما دنانير ومال الآخر عقاراً أو عروضاً كانا كفئين.

فصل:

وأما الشرط السادس: هو السن مما لم يختلفا في طرفيه فهو غير معتبر في الكفاءة فيكون الحديث كفؤاً للشاب، والشاب كفؤاً للكهل، والكهل كفؤاً للشيخ، ولكن إذا اختلفنا في طرفيه فكان أحدهما في أول سنة كالغلام والجارية، والأخرى في غاية سنة كالشيخ والعجوز، ففي اعتباره في الكفاءة وجهان:

أحدهما: أنه شرط معتبر فلا يكون الشيخ كفؤاً للطفلة ولا العجوز كفؤاً للطفل لما بينهما من التنافي والتباين وإن مع غايات السن تقل الرغبة ويعدم المقصود بالزوجية.

والثاني: غير معتبر لأنه قد يطول عمر الكبير ويقصر عمر الصغير وربما قدر الكبير من مقصود النكاح علي ما يعجز عنه الصغير ولأن مع نقص الكبير فضلاً لا يوجد في الصغير.

فصل:

فأما الشرط السابع: هو السلامة من العيوب، فهي العيوب التي رد بها عقد النكاح، وهي خمس تشترك للرجال والنساء منها في ثلاثة: وهي الجنون، الجذام،

<<  <  ج: ص:  >  >>