للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معهم فيه بالخيار بين أمرين:

أن يقول لهم اختاروا زوجاً فإذا اختاروا نظر الحاكم في كفاءته فإن كان كفء زوجها عن إذنها وإن كان غير كفء لم يزوجها به وإن أذنت فيه ورضيه أهلها؛ لأن للغائب حقاً في طلب الأكفاء لها وبين أن يختار الحاكم لها كفء ثم يسأل الأولياء عنه بعد إذن الزوجة فيه فإن لم يقدحوا في كفاءته زوجها به سواء أرادوه أو لم يريدوه فإن قدحوا فيه. نظر الحاكم فيما ذكروه من القدح فإن كان مانعاً من الكفاءة لم يزوجها به والتمس لها غيره. وإن كان غير مانع من الكفاءة زوجها به وإن كرهوه؛ لأن المعتبر رضي المنكوحة دونهم وإنما يعتبر منهم اختيار الأكفاء ويستحب للحاكم إذا تعذر تزويجها بمن يقع عليه الاختيار أن يرد العقد إلي الحاضر من أوليائها ليكون عقده متفقاً علي صحته فإن لم يفعل وتفرد بالعقد من غير مشاورتهم جاز، والله اعلم.

مسألة:

قال الشافعي رحمة الله تعالي: "ولو عضلها الولي زوجها السلطان والعضل إن تدعو إلي مثلها فيمتنع"

قال في الحاوي: وهذا صحيح إذا دعت المرأة وليها إلي تزويجها فعليه إجابتها وهو حرج أن امتنع قصداً للإضرار لقوله تعالي: {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٢] فإن عضلها لم يخل أن يكون في درجته من العصبات غيره أم لا، فإن كان في درجة غيره كأنه واحد من أخوتها، أو واحد من بني عمها عدلت عنه إلي من في درجته من أخواتها، أو بني عمتها، وليس للحاكم معهم مدخل إذا زوجها غير العاضل من تساووا به في النسب، وإن لم يكن في درجته من الأولياء أحد وكانوا ابعد منه تساو عدلت عن الفاضل إلي الحاكم ولم تعدل إلي البعيد في النسب؛ لأن عضله لا يزيل ولايته وعلي الحاكم أن يحضره ويسأله عن سبب عضله، فإن كان الزوج الذي دعت إليه غير كفء لم يكن عاضلاً؛ لأن له أن يمنعها من نكاح غير الكفء ولم يكن للحاكم أن يزوجها به. وقال لها: إن أرادت زوجاً فالتمس غيره من الأكفاء وإن كان الزوج الذي دعت إليه المرأة كفء وكان امتناع الولي لكراهته وبغضه لا لعدم كفائتة صار الولي حينئذٍ عاضلاً. قال الشافعي: "والعضل أن تدعو إلي مثلها فيمتنع" فحينئذ يأمره الحاكم بتزويجها ولا يتولاه الحاكم ما لم يتم الولي علي الامتناع، فإذا أجاب وزوج بعد الامتناع زالت يد الحاكم عن العقد. وإن أقام علي الامتناع الحاكم حينئذٍ عنه لقوله صلي الله عليه وسلم:" فإن اشتجروا أو قال: اختلفوا فالسلطان ولي من ولي له"؛ ولأن تزويجها حق علي وليها ومن وجب عليه حق فامتنع منه أخذه الحاكم به جبراً فقام مقامه في أدائه كقضاء الديون من ماله.

<<  <  ج: ص:  >  >>