قال الشافعي رحمه الله:"ووكيل الولي يقوم مقامه فإن زوجها غير كفؤ لم يجز"
قال في الحاوي: وهذا كما قال: الوكالة في التزويج جائزة.
وقال أبو ثور: لا يجوز استدلالاً بأن المولي لما لم يكن له أن يرضى بالولاية لم يكن له أن يوكل فيها؛ ولأن الولي نائب فلم يكن أن يوكل من ينوب عنه كالوكيل الذي يجوز أن يوكل غيره. وهذا خطأ لقوله صلي الله عليه وسلم" أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل" وإذن الولي إنما صح في الولاية لا للمنكوحة. ولأن النبي صلي الله عليه وسلم وكل عمرو بن الضمري في تزويج أم حبيبة بنت أبي سفيان بأرض الحبشة فأصدقها النجاشي عنه أربعمائة دينار، فجعل عبد الملك بن مروان ذلك حد الصداق للشريفات من قومه ووكل رسول الله صلي الله عليه وسلم أبا رافع في تزويج ميمونة بنت الحارث الهلالية بمكة سنة سبع فردت أمرها إلي العباس بن عبد المطلب فزوجها به وكان العباس زوج أختها أم الفضل. فإن قيل: فهذا يدل علي أن للمرأة أن تعقد علي نفسها؛ لأن ردت أمرها إلي العباس ولم يكن ولياً لها فعن هذا أربعة أجوبة:
أحدها: أن هذا قبل استقرار الشرع في عقود المناكح واشتراط الولي.
والثاني: يجوز أن يكون تزويجه لها بأن كان سفيراً في العقد ومشيراً.
والثالث: أنه يجوز أن يكون وليها رد ذلك إليه فزوجها.
والرابع: قال بعض أصحابنا ان النبي صلي الله عليه وسلم مخصوص أن ينكح بغير ولي.
ويدل علي جواز الوكالة أن النكاح عقد يقصد فيه المعارضة فصحت فيه الوكالة كالبيوع فأما الوصية به فإنها لم تصح لانقطاع ولا يته فصار موجباً في حق غيره وهو في الوكالة موكل مع بقاء حقه فصحت وكالته وإن لم تصح وصيته.
وأما الوكيل فلم يجز أن يوكل؛ لأنه مستناب بعقد الولي يجوز أن يوكل؛ لأنه مالك بالشرع فافترقا.
فرع:
فإذا تقرر جواز الوكالة في النكاح جاز أن يوكل الولي والزوج ولم يجز أن يوكل الزوجة؛ لأن لا حق للزوجة في مباشرة العقد فلم يصح منها التوكيل فيه. وإذا كان كذلك فحكم الوكالة فيه يتعلق بفصلين.