والثاني: في توكيل الزوج. فأما توكيل الولي: فلا يجوز: أن يوكل فيه إلا من يصح أن يكون وليا فيه وهو أن يكون ذكراً بالغاً عاقلاً حراً مسلماً رشيداً، فإذا اجتمعت هذه الأوصاف الستة صح توكليه كما تصح ولا يته، وإن أخل بأحد هذه الأوصاف فوكل امرأة أو صغيراً أو مجنوناً أو عبداً أو كافراً أو سفيهاً لم يجز، وكانت الوكالة باطلة. فإن عقد بها كان العقد فاسداً، فإذا تكاملت في الوكيل هذه الشروط ليست لم يخل حال الولي الموكل له من أحد أمرين:
إما أن يكون ممن يجبر علي النكاح كالأب والجد مع البكر أو ممن لا يحبر عليه كسائر الأولياء مع الثيب أو كغير الأب والجد مع البكر والثيب فإن كان الولي ممن يجبر علي النكاح كالأب والجد مع البكر فإن له أن يوكل بإذنها وغير إذنها كما يجوز له تزويجها بإذن وغيره إذنها لكن هل يلزمه أن يعين لوكيله علي الزوج أو يرده إلي اختياره فيه قولان
أحدهما: يجوز أن يرده إلي اختياره، لأنه قد أقامه بالتوكيل مقام نفسه فلم يلزمه التعيين كالتوكيل في الأموال فعلي هذا يلزمه أن يختار لها كفاء والأولي به إذا أراد تزويجها بمن قد اختاره لها أن يستأذنها فيه وأذنها معه الصمت كإذنها مع الأب، فإن زوجها به من غير استئذانه صح النكاح كالأب إذا زوج بغير إذن. فو أن الولي علي هذا القول عين لوكيله علي الزوج سقط اختيار الوكيل ولم يكن له تزويجها بغير من عين له عليه كالوكيل في الشراء إذا عين علي ما يشتريه.
والثاني: أن علي الولي أن يعين لوكيله في عقد الوكالة علي الزوج الذي زوجها به ولا يرد ذلك إلي خياره؛ لأن معني الولي في لحوق عارها معقود في وكيله فلم يقم اختيار الوكيل مقام اختياره وفارق التوكيل في الأموال التي لا يراعي في اختيارها لحقوق العار. فعلي هذا متى زوجها الوكيل بكفء كان النكاح باطلاً لفساد الوكالة، فلو عين له أن يزوجها بأحد رجلين نظر.
فإن كان الولي قد اختارهما ورد العقد علي أحدهما إلي خيار وكيله جاز وإن يكن من الولي اختيار بل رد ذلك إلي اختيار وكيله وخياره ثم الاعتبار بأن لا يكون للولي خيار.
فرع:
وإذا كان الولي ممن لا يجبر علي النكاح فهل يلزم استئذانها في عقد النكاح أم لا؟ اختلف أصحابنا فيه علي وجهين ومنهم من خرجه علي قولين:
أحدهما: وهو اختيار أبي علي بن أبي هريرة أنه لا يصح توكيله إلا بإذنها؛ لأنه نائب عنها وأشبه الوكيل الذي لا يجوز له أن يوكل فيما هو وكل إلا عن إذن موكله فعلي هذا إن لم يستأذنها الولي في توكيله فزوجها الوكيل بأنها أو غير إذنها كان النكاح باطلاً لفساد الوكالة ولو استأذنها الولي فيه بعد عقد الوكالة لم تصح الوكالة حتى يستأذنها