للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمرو ابن أمية الضمري. قال المزني: ليس هذا حجة في إنكاح الأمة ويشبه أن يكون أراد أن لا معني لكافر في مسلمه فكان ابن سعيد ووكليه صلي الله عليه وسلم مسلمين ولم يكن لأبيها مغني في ولايةٍ مسلمةٍ إذا كان كافراً".

قال في الحاوي: وأصل ذلك أن اتفاق الدين شرط في ثبوت الولاية علي المنكوحة، فلا يكون الكافر ولياً لمسلمة ولا المسلم ولياً لكافرة لقوله تعالي: {ولَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى المُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} [النساء:١٤١] وقوله أيضاً {لا تَتَّخِذُوا اليَهُودَ والنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ} [المائدة:٥١] فدللت هاتان الآيتان علي أن لا ولاية لكافر علي مسلمة. وقال تعالي: {والْمُؤْمِنُونَ والْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: ٧١] فدل علي أن لا ولاية لمسلم علي كافرة، ولأن النبي صلي الله عليه وسلم لما أراد ان يتزوج أم حبيبة بنت أبي سفيان وكان أبوها وإخوتها كفاراً، وهي مسلمة مهاجرة بأرض الحبشة تزوجها من أقرب عصابتها من المسلمين، وهو خالد بن سعيد بن العاص، فدل علي انتقال الولاية بالكفر عمن هو أقرب إلي من ساواها في الإسلام، وإن أبعد فلأن الله تعالي قد قطع الموالاة باختلاف الدين، فلم يثبت الولاية معه كما كان لم يثبت الميراث، وإنما الولاية شرعت لطلب الحظ لها ودفع العار عنها واختلاف الدين يصد عن هذا أو يمنح منه كما قال تعالي: {لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إلاًّ ولا ذِمَّةً} [التوبة: ١٠].

فصل:

فإذا تقرر هذا فلا يثبت للكافر ولاية علي مسلمة لا نسب ولا حكم ملك ولا يزوجها من عصابتها إلا مسلم قد جمع شرطين:

النسب، الدين. فأما الكافرة فالولاية عليها تنقسم ثلاثة أقسام ولاية بحكم، وولاية بملك.

فإما القسم الأول: وهو الولاية بالنسب فلا يثبت عليها إلا لمن إذا شاركها في النسب سواها في الدين، ويراعى أن يكون رشيداً في دينه، كما يراعي رشد المولي مجوسي ولا ولاية عليها للمسلم، ويكون النصراني واليهودي والمجوسي في الولاية عليها سواء كما يشاركون في ميراثها ولا يختصها بها النصراني منهم؛ لأن الكفر كله ملة واحدة، فلو كان في إخوتها مرتد عن الإسلام فلا ولاية له عليها كما لا ميراث له منها؛ ولأن المرتد مولى عليه فلم يجز أن يكون ولياً، فلو كانت المرأة مرتدة وكان لها أخ مسلم وأخ مرتدة وأخ نصراني فلا ولاية عليها لواحد منهم، كما لا يرثها واحد منهم. ولا يجوز أن يتزوج بمسلم ولا كافر ولا مرتد؛ لأن الردة مانعة من استباحة نكاحها.

وأما القسم الثاني: وهو الولاية بالحكم فيثبت للمسلم علي الكافرة؛ لأنها لا تستحق بالموالاة بالنسب فيتمنع اختلاف الدين منها، وإنما تستحق بالولاية التي ثبت علي الكافر كثبوتها علي المسلم، فإذا عدمت الكافرة منها شيئاً من عصبتها الكفار زوجها

<<  <  ج: ص:  >  >>