حاكم المسلمين بكفء من الكفار أو المسلمين، فإن دعت إلي زوج مسلم وجب علي الحاكم تزويجها به؛ لأنه إذا تقاضي إلي حاكم المسلمين مسلم وكافر لزمه الحكم بينهما، وإن دعت إلي زوج كافر فإن كان من أهل العهد كان حاكم المسلمين بالخيار بين أن يزوجها به أو الإعراض عنها، كما يكون بالخيار في الحكم بينهما إذا تقاضيا إليه، وإن كانا من أهل الذمة فهل يلزم الحاكم تزويجها أم لا؟ علي قولين:
من اختلاف قوليه في وجوب الحكم بينهما عند الترافع إليه، فإن زوجها لم يعقد نكاحها إلا شاهدين مسلمين ولا يجوز أن يعقده به أهل دينها؛ لأن الإسلام والعدالة شرط في الشهادة.
وأما القسم الثالث: وهو الولاية بالملك فقد اختلف أصحابنا في ثبوتها للسيد المسلم علي أمته الكافرة علي وجهين:
أحدهما: وهو قول أبي إسحاق المروزي وأبي سعيد الاصطخري: أنه يجوز للسيد المسلم تزويج أمته الكافرة وهو ظاهر كلام الشافعي؛ لأنه قال:" ولا يكون المسلم ولياً لكافرة إلا علي أمته".
ووجهة شيئان:
أحدهما: أنه ولاية لم تستحق بموالاة النسب فلم يؤثر فيها اختلاف الدين كالولاية بالحكم.
والثاني: أن السيد يتوصل إلي الكسب فلم يؤثر اختلاف الدين كما لم يؤثر الفسق.
والثالث: وهو قول أبي إبراهيم المزني. وأبي القاسم الداركي وطائفة أن إسلام السيد يمنعه من تزويج أمته الكافرة كما يمنعه من تزويج ابنته وحمل غير المزني قول الشافعي"إلا علي أمته" علي أحد وجهين:
إما حكاية عن مذهب غيره، وإما علي أمته في عقد الإجارة علي منافعها دون بضعها استدلالاً بأن في تزويجه لها تغليباً لولاية النكاح دون الكسب؛ لأن المرأة لا تزوج أمتها وأن ملكت عقد اكتسابها. فأما المزني: فإنه اعترض علي الشافعي رضي الله عنه فيما نقله من استدلاله له بحديث أم حبيبه، وتوهم أنه استدل به في تزويج المسلم لأمته الكافرة وهذا خطأ في التوهم؛ لأن الشافعي إنما استدل به علي أن الكافر لا يزوج بنته المسلمة وهو دليل عليه، وبالله التوفيق.
مسألة:
قال الشافعي:" فإن كان الولي سفيها أو ضعيفا غير عالم بموضع الحظ أو سقيما مؤلماً أو به عله تخرجه من الولاية فهو كمن مات فإذا صلح صار وليا".