قال في الحاوي: وهذا صحيح وذكر الشافعي رضي الله عنه الأسباب المانعة من ولاية النكاح، فقال:" فإن كان الولي سفيها" وفيه تأويلان:
أحدهما: أنه المجنون؛ لأنه سفيه العقل.
والثاني: انه المفسد لماله ودينه؛ لأنه سفيه الرأي. فأما المجنون فلا ولاية له؛ لأنه لما أزل الجنون ولايته علي نفسه، فأولى أن يزيل ولايته علي غيره. فلو كان يجن في زمان ويفيق في زمان فلا ولاية له في زمان جنونه، فأما زمان إفاقته فعلي ضربين:
أحدهما: أن يكون فيه بليداً مغموراً فلا يصح فكره ولا يسلم تمييزه فلا ولاية له في زمان إفاقته كما لا ولاية له في زمان جنونه.
والثاني: أن يكون فيه سليم الفكر صحيح التمييز فهذا علي ضربين:
أحدهما: أن يكون زمان إفاقته من زمان جنونه فله الولاية في زمان الإفاقة.
والثاني: أن يكون زمان إفاقته من زمان جنونه ففي عود الولاية إليه في زمان الإفاقة وجهان:
أحدهما: يعود لعدم ما يمنع منها.
والثاني: لا يعود إليه اعتباراً بحكم الأغلب من زمانيه. فأما السفيه فله حالتان:
أحدهما: أن يكون محجوراً عليه بالسفه فعلي ضربين:
أحدهما: أن يكون قد حجر عليه لا يعرف موضع الحظ لنفسه فهذا لا ولاية له؛ لأن من لا يعرف حظ نفسه فأولى أن لا يعرف حظ غيره.
والثاني: أن يكون قد حجر عليه لتبذيره لما له مع معرفته لحظ نفسه، ففيه وجهان:
الأول: وهو قول جمهور أصحابنا لا ولاية له في النكاح؛ لأنه لما زالت ولايته عن نفسه فأولى أن تزول ولايته علي غيره.
والثاني: وهو قول أبي العباس بن سريج هو علي ولايته وله تزويج وليته لأن ما استحق به الحجر لحفظ المال غير مقصود في ولاية النكاح فلم يؤثر في إسقاطها فإن كان السفيه غير محجور عليه ففيه وجهان:
أحدهما: وهو قول أبي علي بن هريرة انه بالمحجور عليه ولا ولاية له لوجود معني الحجر فيه.
والثاني: أنه علي ولايته لأنه لما كان قبل الحجر باقي الولاية علي نفسه كان باقي الولاية علي غيره.
فرع:
ثم قال الشافعي رضي الله عنه: " أو ضعيفا" وفيه تأويلان:
أحدهما: انه الصغير الضعيف البدن.
والثاني: الضعيف الرأي إما لعته وبله وإما لكبر وهرم، فأما الصغير فلا ولاية له؛