للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يملك من المنكوحة إلا الاستمتاع. وهكذا الجواب عن قياسهم على شراء الإماء، وأما تعليلهم بنكاح النبي صلى الله عليه وسلم فعنه جوابان:

أحدهما: أنه تعليل يدفع النص فكان مطروحًا.

والثاني: أنه لما خص سقوط المهر جاز أن يكون مخصوصًا باللفظ الذي يقتضي سقوط المهر، ثم المعنى في لفظ النكاح أنه صريح فيه، والبيع والهبة صريحان في غيره. وأما قياسهم على الطلاق في وقوعه بالصريح والكناية هو أن النكاح شهادة مشروطة لا تتحقق في الكناية، فلم ينعقد بالكتابة وليس في الطلاق شهادة مشروطة فوقع بالكناية. وأما استدلالهم بعقدة بالعجمية فشرح لمذهبنا فيه بيان للانفصال عنه، وفيه لأصحابنا ثلاثة أوجه:

أحدهما: حكاه أبو حامد الإسفراييني ولم يتابعه عليه أحد أنه لا ينعقد بالعجمية سواء كان عاقده يحسن العربية أو لا يحسنها، لأن لفظة بالعجمية صريح فخرج عن حكم الكناية بالعربية، لأن في كناية العربية احتمال وليس صريح العجمية احتمال. وخالف القرآن المعجز، لأن إعجازه ونظمه وهذا المعنى يزول عنه إذا عدل عن لفظه العربي إلى الكلام العجمي.

والثالث: وهو قول أبي سعيد الإصطرخي: أنه إن كان عاقده يحسن العربية لم ينعقد بالعجمية، وإن كان لا يحسن العربية انعقد بالعجمية، كأذكار الصلاة تجزئ بالعجمية لمن لا يحسن العربية ولا تجزئ لم يحسنها، فعلى هذا لا يجوز أن يجمع بين حال القدرة والعجز والعادل عن صريح النكاح إلى كنايته قادر، والعادل عنه إلى العجمية عاجز فاقد. فإن قيل بالوجه الأول: أنه لا ينعقد بالعجمية مع القدرة والعجز كان عاقده إذا لم يحسن العربية بالخيار بين أن يوكل عربيًا في عقده وبين أن يتعلم العربية فيعقده بنفسه. وإذا قيل بالوجه الثاني: أنه ينعقد بالعجمية مع القدرة والعجز كان عاقده إذا لم يحسن العربية فهو بالخيار إذا كان يحسن العربية بين أن يعقده العربية وهو أدلى، لأنه لسان الشريعة وبين أن يعقده بالفارسية وبأي اللسانين عقده فلا يصح حتى يكون شاهدًا عقده بعرفانه، فإن عقده بالعربية وشاهداه عجميان أو عقده فلا يصح حتى يكون شاهدًا عقده بعرفانه، فإن عقده بالعربية وشاهداه عجميان أو عقده بالعجمية وشاهداه عربيان لم يجز، لأنهما إذا لم يعرفا لسان العقد لم يشهدا عليه إلا بالاستخبار عنه فجرى بينهما مجرى الكناية. وإذا قيل بالقول الثالث: إنه ينعقد بالعجمية مع العجز ولا ينعقد بها مع القدرة فلا يخلو حال الولي الباذل والزوج القائل من ثلاثة أحوال:

إحداها: أن يكونا عربيين فلا ينعقد النكاح بينهما إلا العربية.

والثانية: أن يكونا عجميين فلا ينعقد النكاح بينهما إن باشراه بأنفسهما إلا بالعجمية.

<<  <  ج: ص:  >  >>