للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيكون قد ابتدأ به الولي بذلًا وما أجابه الزوج قبولًا. وإذا كان هكذا فللزوج في قبوله ثلاثة أحوال:

أحدها: أن يقول: قبلت نكاحها على هذا الصداق.

والثاني: أن يقول: قبلت ولا يذكر الصداق: والثالث: أن يقول: قبلت ولا يذكر النكاح ولا الصداق. فأما الحال الأولى: وهو أن يقول: قبلت نكاحها على هذا الصداق فقد انعقد النكاح على الصداق المسمى إذا كان قبول الزوج على الفور من بذل الولي. ولو قال الزوج: قبلت نكاحها على صداق خمسمائة. وقد بذلها الولي له بصداق ألف انعقد الصداق ولم تلزمه فيه أحد الصداقين وكان لها مهر المثل لأن الألف لم يقبلها الزوج والخمسمائة لم يرض بها المولى.

وقال أبو حنيفة: ينعقد على صداق خمسمائة، لأنها أقل فصارا مجتمعين عليها وإن تفرد الولي بالزيادة. وهذا خطأ لما ذكرنا.

وأما الحال الثانية: وهو أن يقول قبلت نكاحها ولا يذكر قبول الصداق فيصح النكاح بقبوله ولا يلزم المسمى، لأنه لم يذكره في القبول وليكون لها مهر المثل وقال أبو حنيفة: يلزم فيه الصداق المسمى بقبول النكاح والذي يتضمنه كالبيع إذا قال: بعتك عبدي بألف فقال المشتري: قبلت البيع لزمه ذلك الثمن وإن لم يصرح به في قبوله كذلك النكاح وهذا خطأ، لأن البيع لا ينعقد إلا بثمن فكان قبوله البيع قبولًا لما تضمنه من الثمن وإن لم يصرح به في قبوله وليس كذلك النكاح، لأنه قد يصح بغير الصداق فلم يكن قبوله النكاح قبولًا لما يتضمنه من الصداق حتى يصرح به في قبوله.

وأما الثالثة: وهو أن يقول: قبلت ويمسك فلا يذكر النكاح ولا الصداق في قبوله ففيه قولان وهو ظاهر كلامه هاهنا وقد نص عليه صريحًا في كتاب "الأم" ورواه البويطي وقاله جمهور أصحابنا أن النكاح باطل.

والثاني: قاله في كتاب "التعريض بالخطبة في كتب الأمالي" إن النكاح صحيح وبه قال أبو حنيفة استدلالًا بأمرين:

أحدهما: أن قول: قبلت إنما هو جواب للبذل الصريح وجواب الصريح يكون صريحًا كقوله تعالى: {فَهَلْ وجَدتُّم مَّا وعَدَ رَبُّكُمْ حَقًا قَالُوا نَعَمْ} [الأعراف: ٤٤] أي نعم وجدناه وكقوله: {ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: ١٧٢] أي بلى أنت ربنا وكما لو أدعى رجل على رجل ألف درهم فسأله الحاكم عنها. وقال: أله عليك ألف. فقال نعم، وكان إقرار منه بالألف، وجرى مجرى قوله: نعم عليِّ ألف، فكذلك يجب أن يكون قوله في النكاح قد قبلت بعد تقدم البذل الصريح قبولًا صريحًا فجرى مجرى قوله: قبلت نكاحها.

والثاني: إن البذل والقبول معتبر في عقد النكاح كاعتباره في عقد البيع ثم ثبت أنه لو قال البائع: بعتك عبدي هذا بألف فقال المشتري: قبلت أن البيع قد انعقد وجرى ذلك مجرى قوله "قبلت" هذا البيع ويجب أن يكون النكاح بمثابه: قد زوجتكها فقال الزوج:

<<  <  ج: ص:  >  >>