قال الشافعي:"فإذا فارق الأربع ثلاثاً تزوج مكانهن في عدتهن لأن الله تعالى أحل لمن لا امرأة له أربعاً وقال بعض الناس لا ينكح أربعاً حتى تنقضي عدة الأربع لأني لا أجيز أن يجتمع ماؤه في خمس أو في أختين. قلت: فأنت تزعم لو خلا بهن ولم يصبهن أن عليهن العدة فلم يجتمع فيهن ماؤه فأبيح له النكاح وقد فرق الله تعالى بين حكم الرجل والمرأة فجعل إليه الطلاق وعليها العدة فجعلته يعتد معها ثم ناقضت في العدة. قال: وأين؟ قلت: إذ جعلت عليه العدة كما جعلتها عليها أفيجتنب ما تجتنب المعتدة من الطيب والخروج من المنزل؟ قال: لا. قلت: فلا جعلته في العدة بمعناها ولا فرقت بما فرق الله تعالى به بينه وبينها وقد جعلهن الله منه أبعد من الأجنبيات لأنهن لا يحللن له إلا بعد نكاح زوج وطلاقه أو مؤته وعدة تكون بعده والأجنبيات يحللن من ساعته".
قال في الحاوي: وهذا كما قال: إذا كان له أربع زوجات فطلقهن وأراد أن يعقد على أربع سواهن أو على أخت واحدة منهن لم يخل طلاقه من أن يكون قبل الدخول أو بعده فإن كان قبل الدخول جاز له عقيب طلاقهن سواء كان طلاقه ثلاثاً أو دونها وإن كان قد دخل بهن لم يخل طلاقه من أن يكون بائناً أو رجعياً، فإن كان رجعياً واحداً أو اثنين بغير عوض لمن يكن له العقد على أحد حتى ينقص عددهن، لأنهن من الزوجات ما كن في عددهن لوقوع طلاقه وظهاره عليهن. وحصول التوارث بينه وبينهن فلو انقضت عدة واحدة منهن جاز العقد على أختها أو على خامسة غيرها ولو انقضت عدة اثنتين جاز له العقد على اثنتين ولو انقضت عدة ثلاث جاز له العقد على ثلاث ولو انقضت عدة الأربع جاز له العقد على الأربع وإن كان الطلاق بائناً أما أن يكون ثلاثاً أو دونهما بعوض فقد اختلف الفقهاء هل أن يتزوج في عددهن بأربع سواهن أو بأخت كل واحدة منهن فذهب الشافعي إلى جوازه.
وبه قال من الصحابة: زيد بن ثابت.
ومن التابعين: سعيد بن المسيب والزهري.
ومن الفقهاء: مالك.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز إلا بعد انقضاء عدتهن.
وبه قال من الصحابة علي وابن عباس.
ومن التابعين: سفيان الثوري استدلالاً بعموم قوله تعالى: {وأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ}[النساء: ٢٣] وهذا نص لما به يعقد في أختين، ولأنها معتدة في حقه في من طلاقه فلم يحل له العقد على أختها كالرجعية، واحترز بقوله:"من حقه"