طلق لم يلزمه الابن أن يزوجه ويسر به ثانية بعد طلاقه, لأن الأب قد استهلك بنفسه ما استحقه من ذلك فلو ألزم الابن مثله لفعل الأب مثله فأدى إلى ما لا نهاية له ولكن لو ماتت الزوجة أو الأمة حتف أنفها ففي وجوب إعفافه على الابن ثانية وجهان:
أحدهما: يجب عليه لبقاء السبب الموجب له وأنه غير منسوب إلى تفويت حقه منه.
والثاني: أنه لا يجب عليه غير الأولى, لأنه عقد يوضع للتأبيد في الأغلب، والله أعلم.
قال في الحاوي: إنما أراد الشافعي بهذا هل للعبد أن يتسرى وهو مبني على أن العبد هل يملك إذا ملك أم لا؟ فلا يختلف الفقهاء أنه ما لم يملك السيد لم يملك، ويكون جميع ما يكتسبه من صيد أو حشائش أو بصنعة أو عمل ملكا لسيده دونه، وإن ملكه السيد فهل يملك أم لا؟ على قولين:
أحدهما: وهو قوله في القديم: إنه يملك إذا ملك وبه قال مالك: داود ثم اختلفوا في حكم ملكه على هذا القول فعلى مذهب الشافعي يكون ملكا ضعيفا لا يتحكم فيه إلا بإذن السيد وللسيد استرجاعه.
وقال مالك: هو ملك قوي يتحكم فيه كيف شاء اه لكن للسيد استرجاعه.
والثاني: قاله الشافعي في الجديد أنه لا يملك إذا ملك.
وبه قال أبو حنيفة، وقد مضى توجيه القولين في كتاب "البيوع" فإذا تقرر القولان وأراد العبد أن يتسرى بأمة فإن لم يملك السيد إياها لم يكن له أن يطأها وان أذن له السيد فيه لأنه لا يحل لأحد أن يستبيح إلا وطء زوجة أو ملك يمين وليست هذه الأمة المأذون للعبا في وطئها زوجة له ولا ملك يمين فلم يحل له وطئها لمجرد الإذن كما لا يحل لغيره من الناس أن يطأها متسريا لها ما لم يأذن له السيد في وطئها وان صار مالكا لها, لأنه ملك ضعيف فإن أذن له في وطئها جاز له حينئذ التسري بها لم يرجع السيد في ملكه أو إذنه.