يحرم ثم إذا أخرج الثانيةً بأحد ما ذكر عادت الأولى إلى إباحتها وحل له الاستمتاع بها فلو أنه حين استمتع بالأولى استمتع بالثانيةً قبل تحريم الأولى عليه كان بوطء، والثانيةً عاصيًا ولم تحرم الأولى عليه بمعصية الوطء الثانية. قال الشافعي: وأحب أن يمسك عن وطء الأولى حتى يستبرأ الثانية لأن لا يجمع ماؤه في أختين فإن ووطئها قبل استبراء الثانيةً جاز وإن أساء.
قال في الحاوي: وهذا كما قال: الجمع بين المرأةُ وعمتها وبين المرأةً وخالتها حرام بعقد النكاح وملك اليمين كالجمع بين أختين وهو قول الجمهور. وحكي عن الخوارج وعثمان البتي أنه لا يحرم الجمع بينهما في نكاح ولا ملك معه وحرم داود الجمع بينهما في النكاح دون ملك اليمين فأما داود فقد مضى الكلام معه في الجمع بعد الأختين وأما البتي والخوارج فاستدلوا بأن تحريم المناكح مأخوذ من نص الكتاب دون السنةً ولم يرد الكتاب بذلك فلم يحرم وهذا خطأ لأن كل ما جاءت به السنة يجب العمل به كما يلزم بما جاء به لكتاب. قال تعالى: {ومَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى (٣) إنْ هُوَ إلاَّ وحْيٌ يُوحَى} [لنجم: (٣) - (٢٤)] وقد جاءت السنةُ بما رواه مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرةَ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا يجمع بين المرأةَ وعمتها ولا بين المرأة وخالتها".
وروى داود بن أبي هند عن الشعبي عن أبي هريرةَ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا تنكح المرأةً على عمتها ولا العمةً على بنت أخيها، ولا تنكح المرأة على خالتها ولا الخالةَ على بنت أختها، ولا تنكح الصغرى على الكبرى ولا الكبرى على الصغرى". وهذان الحديثان نص والثاني أكمل وهما وإن كانا خبرًا واحدًا فقد تلقته الأمةً القبول وعمل به، الجمهور فصار بأخبار التواتر أشبه فلزم الخوارج العمل به وإن لم يلتزموا أخبار الآحاد؛ ولأن الأختين يحرم الجمع بينهما لأن إحداهما لو كان رجلًا حرم عليه نكاح أخته كذلك المرأةً وخالتها وعمتها يحرم الجمع بينها لأنه لو كان إحداهما رجلًا حرم عمته وخالته.