للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُبْهَمَةُ وَحِلَتْ لَهُ اِبْنَتَهَا لِأَنَّهَا مِنْ الرَّبَائِبِ، وَإِنَّ دَخَلَ بِهَا لَمْ تَحِلْ لَهُ أَمَهَا، وَلَا اِبْنَتَهَا أَبَدًا."

قال في الحاوي: أما الربائب فقد ذكرنا أنهن بنات الزوجات إحداهن ربيبةً وفي تسميتها بذلك وجهان:

إحداهما: لأنه تكون في الأغلب في تربيتهُ وكفالتهُ.

والثاني: لأنها ترب الدار أي تديرها وتعنى بها فإذا تزوج الرجل امرأةً حرم عليه بالعقد عليها ثلاثةً أصناف من مناسبها: صنف أعلى وهى الأمهات، وصنف أدنى وهن البنات، وصنف مشاركان وهن الأخوات والعمات والحالات فكلهن محرمات عليه ما كان العقد عليها باقيًا فإذا ارتفع عنها بموت أو طلاق أو فسخ انقسمت أحوال هؤلاء محرمات ثلاثةَ أقسام:

قسم يحللن له بعد ارتفاع العقد عن زوجته سواء دخل بها أم لا وهن الأخوات والعمات والحالات؛ لأن تحريمهن تحريم جمع لا تحريم تأييد.

وقسم ثانٍ: لا يحللن له وإن ارتفع العقد عن زوجته سواء دخل بها أم لا وهن الأمهات لأنهن يحرمن بالعقد تحريم تأييد.

وقسم ثالث: يحللن بعد ارتفاع العقد عن زوجته إن لم يكن قد دخل بها ويحرمن عليه إن كان قد دخل بها وهن البنات لأنهن يحرمن بالعقد تحريم جمع وبالدخول تحريم تأيد بخلاف الأمهات المحرمات بالعقد تحريم تأبيد وهو قول جمهور الصحابةً والتابعين والفقهاء. وحكي ذلك عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن الزبير ومجاهد أن الأمهات كالبنات الربائب لا يحرمن إلا بالدخول وحكي عن زيد بن ثابت أنه أن طلق الزوجةَ لم تحرم الأم إلا بالدخول كالربيبةً، وإن ماتت حرمت الأم وإن لم يدخل بها بخلاف الربيبة؛ لأن الموت في كمال المهر كالمدخول واستدلالًا في إلحاق ابنتها بالربائب في تحريمهن بالدخول بقوله تعالى: {وأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ ورَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [النساء: (٢٣)] فذكر جنسين هما: الأمهات والربائب ثم عطف عليهما اشتراط الدخول في التحريم فاقتضى أن يكون راجعًا إلى المذكورين معًا ولا يختص بالرجوع إلى أحدهما وهو للشافعي ألزم لأنه يقول: إن الشرط والكتابة والاستثناء إذا تعقب جملةً رجع إلى جميعها ولم يختص بأقرب المذكورين منها كما لو قال رجل: امرأتي طالق وعبدي حر، والله لا دخلت الداران شاء الله كان الاستثناء بمشيئة الله راجعًا إلى الطلاق والعتق واليمين، ولم يختص عنده برجوعه إلى اليمين كذلك يلزمه أن لا يجعل اشتراط الدخول راجعًا إلى الربائب دون الأمهات حتى يكون راجعًا إليهما معا.

والدليل على صحةَ ما ذهبنا إليه والجماعةً من اشتراط الدخول في الربائب دون الأمهات قوله تعالى: {وأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ ورَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ} [النساء: (٢٣)] فكان الدليل من هذه الآيةً على أن شرط الدخول عائد إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>