للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الربائب دون الأمهات من خمسةً أوجه:

أحدها: قوله تعالى: {وأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ ورَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ} [النساء: (٢٣)] وليست أم الزوجةً منها وإنما الربيبةً منها فدل على أن الدخول مشروط في الربيبةً لأنها من الزوجةً دون الأم التي ليست من الزوجةً.

والثاني: هو ما ذكره سيبويه أن الشرط والاستثناء إنما يجوز أن يرجع إلى جميع ما تقدم ذكره، إذا حسن أن يعود إلى كل واحد منهما على الانفراد وإن لم يحسن لم يعد إلى الأقرب وهو لو قال: وأمهات نسائكم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن لم يحسن فلم يعد إليه.

والثالث: وهو ما قاله المبرد: أنه إذا اختلف العامل في إعراب الجملتين لم يعد الشرط إليهما وعاد إلى أقربهما وإن لم يختلف العامل في إعرابهما عاد إليهما والعامل هاهنا في إعراب الجملتين مختلف فذكر النساء مع الأمهات مجرور بالإضافة لقوله: {وأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} وذكر النساء من الربائب مجرور بحرف الجر وهو قوله: {ورَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ} فلما اختلف عامل الجر في الموضعين لم يجز أن يعود الشرط إلهما وعاد إلى أقربهما.

والرابع: أن الأمر قد تقدمها مطلق وتعفيها مشروط فكان إلحاقها بالمطلق المتقدم أولى من إلحاقها بالمشروط المتأخر.

والخامس: أن المطلق أعم والمشروط أخص فكان إلحاق المبهم بالمطلق الأعم أولى من إلحاقه بالمشروط الأخص ويدل عليه من طريق السنة ما رواه المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا نكح الرجل امرأةً ثم طلقها قبل أن يدخل بها حرمت عليه أمها ولم تحرم عليه ابنتها".

وروى الأوزاعي عن عمرو بن شيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا تزوج الرجل امرأةً ثم ماتت قبل أن يدخل بها حرمت عليه أمها ولم تحرم عليه بنتها" وهذا نص ولأن في الأمهات من الرقةَ والمحبةً لبناتهن ما ليس في البنات لأمهاتهن.

وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: يا رسول الله ما لنا نرق على أولادنا ولا يرقون علينا؟ قال: "لأننا ولدناهم ولم يلدونا" فلما كانت الأم أكم رقة وحبًا لم تنفس على بنتها بعدول الزوج إليها فجاز أن يكون الدخول بالأم مشروطًا في تحريم البنت لأنها ربما رضيت بالزوج بعد دخوله بها ما لم تضمن به قبله وليس كذلك البنت لأنها لما كانت أقل رقةً وحبًا نفست على أمها بعدول الزوج إليها فأفضى إلى القطيعة

<<  <  ج: ص:  >  >>