المصاهرة وروى نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الحرام لا يحرم الحلال".
وروى عن الزهري عن عائشة قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل ينكح المرأة حرامًا، أينكح ابنتها أو ينكح البنت حرامًا أينكح أمها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا يحرم الحرام الحلال إما يحرم ما كان بنكاح حلال" وهذا نص لا يجوز خلافه.
ومن طريق القياس أنه وطء تمحض تحريمه فلم يتعلق به تحرم المصاهرة كوطء الصغيرة التي لا تشتهي ولأنه وطء لا يوجب العدة فلم يوجب تحريم المصاهرة كوطء الصغيرة والميتة؛ ولأنه تحريم نكاح يتعلق به التحريم المؤقت فوجب أن ينتفي عن الزنا الصريح قياسًا على تحريم العدة ولأنه وطء لا يتعلق به التحريم المؤقت فوجب أن يتعلق به التحريم المؤبد كاللواط ولأن ما أوجب تحريم المصاهرة افترق حكم حلاله وحرامه كالعقد؛ ولأن المواصلة التي ثبت في الوطء بالنكاح تنتفي عن الوطء بالزنا قياسًا على مواصلة النسب؛ ولأنه لما انتفي عن وطء الزنا ما يتعلق بوطء النكاح من الإحصان والإحلال والعدة والنسب انتفي عنه ما يتعلق به من تحريم المصاهرة؛ ولأنه لو ثبت تحريم المصاهرة بما حرم من الوطء والقبلة والملامسة بشهوة لما شاء المرأة أن تفارق زوجها إذا كرهته إذا قدرت على فراقه بتقبيل ابنه فيصير الفراق بيدها وقد جعله الله بيد الزوج دونها ولا يبطل هذا بالردة لأن ما يلزمها من القتل بالردة أعظم مما تستفيده من الفرقة فلم تخلص لها الفرقة بالردة وخلصت لها بالقبلة.
فأما الجواب عن قوله تعالى:{ولا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم}[النساء: ٢٢] فهو أن النكاح حقيقة في العقد فجاز الوطء ألا ترى إلى قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نَكَحْتُمُ المُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ}[الأحزاب: ٤٩] وقوله تعالى: {وأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ والصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُم}[النور: ٣٢] يريد به العقد دون الوطء، ثم لو تناول الوطء مجازًا عندنا وحقيقة عندهم فجاز أن يكون محمولًا على حلاله مخصوصًا في حرامه بدليل ما ذكرناه.
وأما احتجاجهم بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا ينظر الله إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وبنتها" فعنه جوابان:
أحدهما: أنه مروي عن وهب بن منبه أنه مكتوب في التوراة فلم يلزمنا لنسخها بالقرآن.
والثاني: أن ما تضمنه من الوعيد متوجه إليه في الحرام دون الحلال لأن أحدهما لا محالة حرام.
وأما احتجاجهم بقوله صلى الله عليه وسلم:"من كشف خمار امرأة حرمت عليه أمها وبنتها" فلا دليل في ظاهره فعمل بموجبه؛ لأن كشف الخمار لا يحرم عليه أمها ولا بنتها؛ فإن عدلوا