به عن ظاهره إلى الوطء عدلنا به إلى حلال الوطء أو شبهته.
وأما قياسهم بأن وطء مقصود كالنكاح فليس لقولهم وطء مقصود تأثير في الحكم؛ لأن وطء العجوز الشوهاء غير مقصود وهو في تحريم المصاهرة كوطء الشابة الحسناء وإذا سقط اعتباره لعدم تأثيره انتقض بوطء الميتة ثم المعنى في النكاح أنه أوجب لحوق النسب فلذلك أوجب تحريم المصاهرة وليس كذلك الزنا، وكذلك الجواب عن قياسهم على وطء الشبهة.
وأما قياسهم على الرضاع بعلة أنه فعل يتعلق به التحريم فمنتقض بالعقد يفترق حكم محظوره الفاسد ومباحه الصحيح. وإن قيل: فالعقد قول وليس بفعل قبل القول فعل. ثم المعنى في الرضاع أنه لما تعلق لمحظورة شابه أحكام المباح لما يتعلق به تحريم المصاهرة.
فصل:
فأما الشافعي: فإنه حكي مناظرة بينه وبين العراقيين في هذه المسألة اختلف أصحابنا فيه. فقال بعضهم: هو محمد بن الحسن وقال آخرون: هو بشر المريس فقال الشافعي: قال لي قائل يقول: لو قبلت امرأة ابنه لشهوة حرمت على زوجها أبدًا لم قلت هذا. فهذا سؤال أورده عليه المخالف فمن أصحابنا من قال: قد أخطأ المزني في نقله وإنما هو لم لا قلت هذا فحذف لا وقال: لمن قلت هذا سهوًا منه وقال آخرون: بل نقل المزني صحيح؛ لأن الشافعي ذكر مذهبه في أن الحرام لا يحرم الحلال وطأً كان أو لمسًا فقال له المخالف: أنا أقول: لو قبلت امرأة ابنه بشهوة، حرمت عليه أبدًا، لم قلت هذا الذي تقدم منك في الحرام لا يحرم الحلال؟
فأجاب الشافعي عن ذلك فقال: من قبل أن الله تعالى حرم أمهات نسائكم وهذا بالنكاح فلم يجز أن يقاس الحرام بالحلال يعني أنه لما كان النص واردًا في النكاح كان الحكم مقصورًا عليه ولم يكن ملحقًا به لأن حكم الحرام مخالف لحكم الحلال ثم قال الشافعي: وقوله تعالى حاكيًا عن هذا القائل فقال لي أحدهما جماعًا وجماعًا يعني أن وطء الزنا جماع ووطء النكاح جماع فاقتضى لتساويها أن يستوي حكمهما فأجابه الشافعي عن هذا أبان فرق بين الجماعين في الحكم فقال: جماعًا حمدت به وجماعًا رحمت به وأحدهما نعمة وجعلته نسبًا وصهرًا وأوجب به حقوقًا وجعلك محرمًا لأم امرأتك وابنتها تسافر بهما وجعل الزنا نقمة في الدنيا بالحدود وفي الآخرة بالنار إلا أن يعفو الله أفتقيس الحرام الذي هو نقمة على الحلال الذي هو نعمة.
فبين الشافعي بأن الجماعين لما افترقا في هذه الأحكام التي أجمعنا عليها وجب أن يفترقا في تحريم المصاهرة التي اختلفنا فيها ثم إن الشافعي استأنف سؤالًا على هذه المناظرة له فقال: إن قال لك قائل: وجدت المطلقة ثلاثًا تحل بجماع الزوج فأحلها بالزنا؛ لأنه جماع كجماعكما حرمت به الحلال؛ ولأنه جماع وجماع فأجابه هذا المناظر