للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على رقبتها صارت ملكًا.

فصل:

واستدل أبو حنيفة على أن إسلام أحدهما قبل الدخول لا يوجب تعجيل الفرقة بأنه إسلام طرأ على نكاح فوجب أن لا يبطله قياسًا على إسلامهما معًا ولأن الإسلام سبب يستباح به النكاح لأن الكافر لا يستبيح المسلمة إلا يسلم وما كان سببًا في إباحة المحظور لم يكن سببًا في حظر المباح.

ودليلنا عليه هو اختلاف الدارين إذا منع تأييد المقام على النكاح تعجلت به الفرقة إذا كان قبل الدخول كالردة ولأن كل سبب إذا وجد بعد الدخول لم تقع به الفرقة إلا بانقضاء العدة وجب إذا وجد قبل الدخول أن تعجل به الفرقة كالطلاق الرجعي. فأما قياسه على إسلامهما معًا فلأنه يجوز بإسلامهما تأبيد المقام على النكاح فكان على صحته وإسلام أحدهما يمنع تأبيد المقام فتعجل به فسخ العقد على أن القياس منتقض بالردة قبل الدخول فإنه يقول: لو ارتدا معًا قبل الدخول كانا على النكاح ثم لم أسلم أحدهما بطل النكاح.

وأما استدلاله بأن ما كان سببًا في الإباحة لم يكن سببًا في الحظر ففاسد بالطلاق وهو سبب لتحريم المطلقة وإباحة أختها وسبب لإباحتها لغير مطلقها وإن كان سبب لتحريمها على مطلقها ثم لما لم يمنع أن يكون الإسلام الذي هو سبب الإباحة سببًا للتحريم بعد انقضاء العدة وكذلك قبلها.

واستدل أبو حنيفة على إن إسلام أحدهما في دار الإسلام فوجب بقاء النكاح على الأبد ما لم يعرض الإسلام عن المتأخر منهما في الشرك فإذا عرض عليه فامتنع أوقع الحاكم الفرقة بطلقة تعلقًا بأن الفرقة لا تكون إلا بالحادث وليس يخلو الحادث من ثلاثة أمور:

إما أن يكون لإسلام من أسلم أو للكفر منه تأخر أو لحكم حاكم فلم يجز أن يكون للإسلام لأنه مأمور به فلم يكن سببًا ملكه ولم يجز أن يكون للكفر لأنه قد كان والنكاح بحالة فلم يبق إلا أن يكون بحكم فاقتضى أن تتعلق الفرقة به تقدم الحكم أو تأخر قال: ولأن إسلام أحد الزوجين لا يوقع الفرقة بينهما كما لو أسلم زوج الكتابية.

ودليلنا: هو أن اختلاف الدين إذا منع ابتداء النكاح أوجب وقوع الفرقة من غير حكم قياسًا على إسلام أحدهما في دار الحرب ولأن دار الإسلام أغلظ في أحكام النكاح من دار الشرك ثم كانت دار الشرك لا تراعي في وقوع الفرقة بإسلام أحدهما حكم الحاكم فدار الإسلام بذلك أولى.

فأما الاستدلال الأول فالجواب عنه أن الفرقة إنما وقعت باختلاف الدين المانع من ابتداء النكاح وليس من الأقسام المذكورة فلم يصح الاستدلال بها. وأما قياسه على إسلام أحد الزوجين فالمعنى فيه: أنه لما لم يمنع ذلك من ابتداء النكاح لأنه يجوز أن

<<  <  ج: ص:  >  >>