أحدهما: أنه فسخ معلق بصفة لا يجوز تعلق الفسخ بالصفات.
والثاني: أنه فسخ قبل وقت الفسخ لأنه يستحق فسخ من زاد على الأربع وقد يجوز أن لا يسلم أكثر من أربع فلا يستحق فيه فسخ نكاحهن.
والفصل الثالث: أن يقول لهن: كلما أسلمت واحدة فقد طلقتها ففيه وجهان:
أحدهما: أنه يصح لأنه الطلاق يجوز تعليقه بصفة فإذا أسلم منهن أربع طلقهن وكان ذلك اختيارًا لهن لأن الطلاق لا يقع على زوجة وينفسخ الأربع الباقيات لأن الطلاق في المتقدمات قد يتضمن اختيارهن فصار فسخًا لنكاح من سواهن وهذا هو الظاهر من كلام الشافعي؛ لأنه قال:«وَلَوْ قَالَ كُلَّمَا أَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ مِنْكُنَّ فَقَدِ اخْتَرْتُ فَسْخَ نِكَاحِهَا لَمْ يَكُنْ هَذَا شَيْئًا إِلَّا أَنْ يُرِيدَ طَلَاقًا» فدل على أنه لو قال: كلما أسلمت واحدة فقد طلقتها صح طلاقها.
والفرق بين الفسخ في أن لا يجوز تعليق بصفة وبين الطلاق في أن جواز تعليق بالصفة أن الفسخ موضوع لتمييز الزوجة عن الزوجة فلم يجز تعليقه لعدم التمييز المقصود فيه والطلاق حل لنكاح الزوجة فجاز تعلقه بالصفة لوجود حل النكاح به.
والثاني: وهو قول أبي علي بن أبي هريرة وطائفة معه: أن قوله للمثاني المشركات كلما أسلمت واحدة فهي طالق لا يصح لأن الطلاق وإن جاز تعلقه بالصفة فهذا الطلاق هاهنا لا يجوز تعليقه بالصفة لأنه يتضمن اختيارًا أو فراقًا ولا يجوز تعليق الاختيار بالصفة كذلك لا يجوز تعليق الطلاق الذي قد تضمنه اختيار الصفة ويتأول قائل هذا الوجه كلام الشافعي هاهنا بتأويلين:
أحدهما: أن قول الشافعي: «كلما أسلمت واحدة فقد اخترت فسخ نكاحها لم يكن هذا شيئًا إلا أن يريد طلاقها» فيصح ويقع الطلاق إذا كان زوجاته في الشرك أربعًا لا يزدن عليها فيقع طلاق كل واحدة منهن إذا أسلمت لأنه طلاق محض لا يتضمن اختيار فجاز تعليق بالصفة.
والثاني: أن كلام الشافعي حكاية عن حال الزواج وليس من لفظ الزوج ويكون معنى قوله: «كلما أسلمت واحدة» أن الزوج قال عند إسلام كل واحدة قد فسخت نكاحها يريد الطلاق طلقت لأنه لو اختارها في هذه الحال صح فصح أن يطلقها فعلى هذا لو أسلم معه الثماني كلهن فقال لهن: أيتكن دخلت الدار فقد فسخت نكاحها لأنه فسخ بصفة ولو قال: أيتكن دخلت الدار فهي طالق كان على ما ذكرنا من الوجهين:
أحدهما: لا يصح لأنه يتضمن اختيارًا بصفة.
والثاني: يصح تغليبًا لحكم الطلاق فإذا دخلها أربع طلقن وانفسخ نكاح الباقيات فيصير الطلاق معلقًا به ثلاثة أحكام: