للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالث: نسخ نكاح من عداهن فعلى هذا لو دخل الثماني الدار كلهن في حالة واحدة لم يتقدم بعضهن بعضًا ووقع الطلاق على الزوجات الأربع منهن وجهًا واحدًا لأنه طلاق لا يتضمن الاختيار.

وقيل له: اختر أربعًا منهن فإذا اختارهن تعين وقوع الطلاق فيهن وانفسخ نكاح الباقيات بغير طلاق والله أعلم.

مسألة:

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ «وَلَوْ أَسْلَمْنَ مَعَهُ فَقَلَ لَا أَخْتَارُ حُبِسَ حَتَّى يَخْتَارَ وَأَنْفَقَ علَيهنَّ مِنْ مَالِهِ لَأَنَّهُ مَانِعٌ لَهُنَّ بِعَقْدٍ مُتَقَدِّمٍ ولَا يُطَلِّقُ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ كَمَا يطَلِّقُ عَلَى المَوْلَى فَإِنْ امْتَنَعَ مَعَ الحَبْس عُزِّرَ وَحُبِسَ حتَّى يَخْتَارَ وَإِنْ مَاتَ أَمَرْنَاهُنَّ أَنْ يَعْتَدِدْنَ الآخَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرِ وَعَشَرٍ أَوْ ثَلَاثِ حَيْضةٍ وَيُوقَفُ لَهُنَّ المِيراثُ حَتَّى يَصْطَلِحْنَ فِيهِ».

قال في الحاوي: وصورتها في مشرك أسلم وأسلم معه ثماني زوجات فعليه أن يختار منهن أربعًا لئلا يصير جامعًا بين ثمان فإن توقف عن الاختيار سأله الحاكم عن توقفه وأمره بتعجيل اختياره لأن لا يستديم ما حظره الشرع في الجمع فإن سأل إنظاره ليفكر في اختياره ويرتئي في أحظهن له أنظره ما قل من الزمان الذي يصح فيه فكره وهل يجوز أن يبلغ بأنظاره ثلاثة أيام أم لا؟ على قولين كالإنظار للمولى والمرتد فإذا اختار بعد الأنظار فهو مخير بين أن يختار أربعًا فيكون اختياره لهن فسخًا لمن عداهن وبين أن يفسخ نكاح أربع فيكون فسخه اختيارًا لنكاح من عداهن إلا أن يكون الباقيات بعد فسخ نكاح الأربع أكثر من أربع كأنهن عشر فيحتاج بعد فسخ الأربع أن يختار من الست أربعًا أو يفسخ منهن نكاح اثنتين فيثبت نكاح الأربع واختياره وفسخه بالقول فاختياره قولًا أن يقول: قد اخترت نكاحها أو قد اخترت إمساكها أو قد اخترت جنسها فإن قال: قد أخرتها صح فكذلك لو قال: قد أمسكتها لأن الله تعالى يقول: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البَقَرَة: ٢٢٩] وقال النبي صلى الله عليه وسلم لغيلان: «أمسك أربعًا» وإن قال: قد حبستها لم يصح اختياره لاحتماله ولأن الشرع لم يأت به وإن قال: قد ردتها لم يصح اختيارها لاحتمال أن يكون ردها إلى أهلها أو ردها إلى نفسه فلو أراد به الاختيار لم يصح الاختيار يجري مجرى عقد النكاح الذي لا يصح إلا بالتصريح دون الكناية.

وفسخه قولان: أن يقول قد فسخت نكاحها أو قد رفعت نكاحها أو قد أنزلت نكاحها فكل ذلك فسخ صريح لأنها ألفاظ مشتركة المعاني. ولو قال: قد صرفتها أو أبعدتها كان كناية يرجع إلى إرادته فيه فإن أراد به الفسخ صح لأن الفسخ يجري مجرى الطلاق الذي صح بالتصريح وبالكناية فلو قال قد حرمتها كان كناية يحتمل الفسخ ويحتمل الطلاق فإن أراد به الطلاق كان اختيارًا وإن أراد به الفسخ كان فسخًا وإن لم يكن له إرادة

<<  <  ج: ص:  >  >>