للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مناكحهم في الشرك على شروط الإسلام وردها إذا خالفته تنفيرًا لهم من الدخول في الإسلام وليس فيما استأنفوه لرضاهم به تنفيرًا لهم منه. فإذا تقرر ما وصفناه قوليها في النكاح أقرب عصبتها من الكفار ولأن ولي الكافرة كافر ويراعى أن يكون عدلًا في دينه فإن كان فاسقًا فيه كان كفسق الولي المسلم بعدل إلى غيره من الأولياء العدول فإن عدم أوليائها من العصبة والمعتقين زوجها الحاكم ولا يمنعه الإسلام من تزويجها وإن منع منها إسلام عصبتها لأن تزويجها حكم فيه عليها.

فأما الشهود في نكاحها فلا يصح إلا أن يكونوا مسلمين وجوز أبو حنيفة عقد نكاحها بشهود كفار كما جاز بولي كافر وهذا خطأ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل» والفرق بين الولي والشهود أن الولي يراد لطلب الحظ لها للموالاة التي بينها والكافر المشارك لها في الكفر أقوى موالاة من المسلمين فكان الكافر أحق بولاية نكاحها من المسلم وليس كذلك الشهود لأنهم يرادون لإثبات الفراش وإلحاق النسب لا يثبت ذلك إلا بالمسلمين فكانوا أخص بالشهادة فيه من غيرهم وهذا حكم إذنها إذا كانت ثيبًا بالنطق وإن كان بكرًا بالصمت ولا يعقده إلا بصداق حلال وإن كانوا يرون في دينهم عقده بالمحرمات من الخمور والخنازير وهل يجوز أن يعقده كتابي على وثنية أو وثني على كتابية أولًا؟ على وجهين:

أحدهما: وهو قول أبي سعيد الإصطخري- لا يجوز لمسلم أن يعقد على وثنية ولا لوثني أن يعقد على مسلمة.

والثاني: وهو مذهب الشافعي يجوز لأن الكفر كله ملة واحدة.

مسألة:

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «وَكَذَلِكَ مَا قَبَضَتْ مِنْ مَهْرِ حَرَامٌ وَلَوْ قَبَضَتْ نِصْفَهُ فِي الشِّرْكِ حَرَامًا ثُمَّ أَسْلَمَا فَعَلَيْهِ مَهْرِ مِثْلِهَا».

قال في الحاوي: وهذا كما قال: إذا ترافع الزوجان في صداق نكاح عقد له في الشرك فهو على ضربين:

أحدهما: أن يكون حلالًا معلومًا فيحكم على الزوج، وكذلك لو أسلما عليه، ولا يلزم الزوج غيره فإن أقبضها في الشرك برئ منه وإن لم يقبضها أخذته بعد الإسلام أو عند الترافع إلى الحاكم بعد بقائها على الشرك.

والثاني: أن يكون حرامًا لا يجوز أن يكون صداقًا في الإسلام فهذا على ثلاثة أقسام:

أحدها: أن يتقابضاه في الشرك قبل الترافع على الحاكم فقد برئ الزوج منه لأن ما

<<  <  ج: ص:  >  >>