(وحكى) الجاحظ أن شغور الكلب علامة بلوغه وأنه يبلغ بعد سنة أشهر من عمره واستشهد بقول الشاعر
حَتَّى تُوَفَا الستَّة الشُّهُورَا مِنْ عُمْرِهِ وَبَلَغَ الشَّغُورَا
وهذا قول أبي عمر وابن العلاء والأصمعي وأكثر أهل اللغة.
وقال ابن الأعرابي: سمي الشغار شغارًا لقبحه ومنه شغور الكلب لقبح منظره إذا بال مع رفع رجليه.
وقال ثعلب: الشغار الرفع ومنه شغور الكلب.
والأصل في الشغار ما رواه ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشغار.
وروى حميد عن الحسن عن عمران بن الحصين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام". والشغار ما وصفه الشافعي بقول الرجل: قد زوجتك بنتي أو وليتي على أن تزوجني بنتك أو وليتك على أن تضع كل واحد منهما صداق الأخرى أو يقول على أن صداق كل واحدة منهما بضع الأخرى فهذا هو الشغار المنهي عنه والدليل عليه حديثان:
أحدهما: ما رواه الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار والشغار: أن يزوج الرجل ابنته الرجل على أن يزوجه الرجل الآخر ابنته ليس بينهما صداق.
والحديث الثاني: رواه معمر عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا شغار في الإسلام" والشغار أن يبذل الرجل أخته بأخته. وهذا التفسير من الراوي إما أن يكون سماعًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو نص وإما أن يكون عن نفسه فهو لعلمه بمخرج الخطاب ومشاهدة الحال أعرف به من غيره.
فإذا تقرر أن نكاح الشغار ما وصفنا فعقد النكاح فيه باطل.
وبه قال مالك وأحمد وإسحاق إلا أن مالكًا جعل النهي فيه متوجهًا إلى الصداق وعنده أن فساد الصداق موجب لفساد النكاح وعندنا أن النهي متوجه إلى النكاح دون الصداق وأن فساد الصداق لا يوجب فساد النكاح فصار مالك موافقًا في الحكم مخالفًا في معنى النهي.
وقال أبو حنيفة: نكاح الشغار جائز والنهي فيه متوجه إلى الصداق دون النكاح