والثاني: لا يجوز لأنه لا يزوجها بولاية وإنما يزوجها لحكم يجري مجرى سائر أحكامه في إحرامه.
فأما إذا كان الإمام محرمًا لم يجز له أن يتزوج ولا يزوج وهل يجوز لخلفائه من القضاء المحللين أن يزوجوا أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: لا يجوز أن يزوجوا كوكلاء المحرم.
والثاني: يجوز أن يزوجوا لعموم ولاياتهم ونفوذ أحكامه فخالفوا الوكلاء فأما إن كان الخطيب في عقد النكاح جائز لأنه قد يجوز أن يعقد بغير خطبة ولو كان الشهود محرمين ففيه وجهان:
أحدهما: وهو قول أبي سعيد الإصطخري أن النكاح باطل لأن الشهود شرط في العقد كالولي.
والثاني: وهو مذهب الشافعي إن النكاح جائز لأن الشهود غير معنيين في النكاح فلم يعتبر فيهم شروط من معنيين في النكاح ألا ترى أن نكاح الكافرة إذا عقدناه لم يصح إلا بولي كافر وشهود مسلمين, والله اعلم.
العيب في المنكوحة
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: "أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدٍ بْنِ الُمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بِنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأةً وَبِهَا جُنُونٌ أَوْ جُذَامُ, أَوْ بَرَصٌ فَمَسَّهَا فَلَهَا صَدَاقَهَا وَذَلِكَ لِزَوْجِهَا غُرْمٌ عَلَى وَلِيِهَا. وَقَالَ أَبُو الشَّعْثَاءِ: أَرْبَعٌ لَا يَجُزْنَ فِي النِّكَاحِ إلَّا أَنْ تُسَمَّى: الْجُنُونُ, وَالجُذَامُ وَالبَرَصُ, وَالقَرَنُ".
قال في الحاوي: أعلم أن النكاح بالعيوب والعيوب التي يفسخ بها النكاح تستحق من الجهتين فيستحقها الزوج إذا وجدت بالزوجة وهي خمسة عيوب: الجنون والجذام والبرص والقرن والرتق وتستحقها الزوجة إذا وجدتها بالزوج وهي خمسة: الجنون والجذام والبرص والجب والعنة فيشتركان في الجنون والجذام والبرص وتختص الزوجة بالقرن والرتق ويختص الزوج بالجب والعنة ولا يفسخ نكاحها بغير هذه العيوب من عمى أو زمانة أو قبح أو غيره.
وبه قال من الصحابة عمر وابن عباس وعبد الله بن عمر.
ومن التابعين: أبو الشعثاء جابر بن زيد.
ومن الفقهاء: الأوزاعي ومالك وقال أبو حنيفة: ليس للزوج أن يفسخ النكاح بشيء من العيوب ولا للمرأة أن تفسخ إلا بالجب والعنة دون الجنون والجذام والبرص وبأن لا يفسخ النكاح بعيب.