فإذا قيل بالوجه الأول أنه يجب فلا خيار لها ولا تأجيل وإذا قيل بالوجه الثاني أنه يجب فإن كان معذورًا بمرض أو سفر أنذر بالوطء إلى وقت مكنته كما ينظر بالدين من إعساره إلى وقت يساره إن كان غير معذور أخذه الحاكم إذا رافعته الزوجة إليه بالوطء أو الطلاق كما يأخذه المولى بهما ولم يؤجله لأنه ليس بعنين ولا يطلق عليه الحاكم بخلاف المولى في أحد القولين بل يحبسه حتى يفعل أحد الأمرين من الوطء أو الطلاق فإذا وطئها مرة سقط لها مطالبته بالفرقة لقول الله تعال:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[البقرة: ٢٢٨] ودليلها قول الله تعالى: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}[البقرة:٢٢٨] فمن درجة الرجل على المرأة أن يلزمها إجابته إذا دعاها إلى الفراش ولا يلزمه إجابتها ولأنه لما كان رفع العقد بالطلاق إليه دونها كان الوطء فيه حقًا له دونها ولأنه لما كان الوطء في ملك اليمين حقًا للمالك دون المملوكة كان الوطء في النكاح حقًا للناكح دون المنكوحة والله أعلم.
قال في الحاوي: الإصابة التي تسقط بها حكم العنة هي تغييب الحفشة في القبل حتى يلتقي الختانان فيجب الغسل سواء أنزل أو لم ينزل لأنها الإصابة التي يكمل بها المهر المسمى في النكاح ويجب لها مهر المثل في الشبهة والحد في الزنا هذا إذا كان سليم الذكر باقي الحفشة ولا اعتبار بمغيب ما بعد الحفشة فأما إذا كان مقطوع الحفشة ففيما يعتبر بغيبة من بقية الذكر وجهان:
أحدهما: يعتبر أن تغييب باقية قدر الحفشة ليكون بدلًا منها فسقط به حكم العنة كما سقط بها.
والثاني: أنه يعتبر تغييب باقية كلها وهو ظاهر قوله هاهنا لأن الحفشة حد ليس في الباقي فصار جميع الباقي حدًا.
فصل:
فأما الوطء في الدبر فلا يسقط به حكم العنة لأنه محل محظور لا يستباح العقد فلم يسقط به حكم الوطء المستحق بالعقد ولو وطئها في الحيض والإحرام سقط به حكم العنة وإن كان محظورًا لأنه في المحل المستباح بالعقد.