وقال في الحاوي: وهذا كما قال: إذا مضت للعنين سنة من حين اجل فهي على حقها ما لم ترافعه إلى الحاكم وليس يلزم تعجيل محاكمته بعد السنة على الفور بخلاف الفسخ في العيوب لأن تمكينها للزوج في عنته إلى الحاكم لم يكن له ذلك لأنه حق عليه هو مأخوذ به وليس بحق له فيطالب فإذا رافعته إلى الحاكم بعد السنة تغير حينئذٍ زمان خيارها فيعرض الحاكم عليها الفسخ وليس لها أن تنفرد بفسخه عنده لأنه فسخ بحكم ويحكم إليه دونها لكن يكون الحاكم مخيرًا بين أن يتولاه بنفسه وبين أن يترك ذلك إليها لتتولاه بنفسها فيكون هو الحاكم به وهي المستوفية له فإذا وقعت الفرقة بينهما كانت الفرقة ترفع العقد من أصله ولم تكن طلاقًا فإن عاد فتزوجها كانت معه على ثلاث.
وقال أبو مالك وأبو حنيفة: تكون الفرقة طلاقًا ولا تكون فسخًا وهذا خطأ لأنها فرقة من جهتها والطلاق لا يكون إلا من جهة الزوج فأشبهت الفرقة بالإسلام والفسخ بالجنون.
فصل:
فإذا تقرر أنه فسخ وليس بطلاق فلا مهر لها ولا عدة عليها.
وقال أبو حنيفة ومالك: لها المهر وعليها العدة هذا عندنا ليس بصحيح لا يكمل المهر ويوجب العدة بالإصابة ولم يكن العنين الإصابة ولا يستحق نصف المسمى ولأن المتعة لم تكن مسمى لأنه فسخ من جهتها فأسقط مهرها ومتعتها والله أعلم.
قال في الحاوي: قد مضي الكلام في الفسخ لأنه لا يصح إلا بشرطين:
أحدهما: انقضاء السنة.
والثاني: حكم الحاكم.
فأما الرضي فهو اختيار المقام فلا يتفتقر إلى حكم لأنه يقيم بعقد سابق, ولا يفتقر إلى حكم فلم يكن المقام عليه مفتقرًا إلى حكم وهل يفتقر الرضي في لزومه إلى انقضاء الأجل أم لا؟ هذا وجهان:
أحدهما: يفتقر الرضي إلى انقضاء الأجل فإن رضيت قبل انقضائه لم يلزم لأن الرضي إنما يكون بعد استحقاق الفسخ وهي قبل انقضاء الأجل لم يستحق الفسخ فلم يلزمها بالرضي كالأمة إذا رضيت من زوجها قبل عتقها لم يلزمها الرضي بوجوده قبل استحقاق الفسخ.