للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فرع آخر

لو باع جلد الميتة بعد الدباغ وعليه شعر، وقلنا شعره نجس، فإن باع الجلد وحده دون شعره يجوز، وإن باع مع شعره ففي الشعر لا يجوز، وفي الجلد قولان بناء على جواز تفريق الصفقة، وإن باعه مطلقاً فيه [٣٧ أ/ ١] وجهان:

أحدهما: أنه لا يدخل الشعار في البقع لأنه غير مقصود، ولا يصح فيه البيع فيصح بقع الجلد.

والثاني: يدخل في البيع لاتصاله بالمبيع، فيكون كما لو قال: يقبل مع الشعر.

فرع آخر

إذا عمل من الجلد المنجوس حوض فطرح فيه ماء، فإن كان دون قلتين صار نجساً، وإن بلغ قلتين فأكثر فالماء طاهر والإناء نجس، ويجوز التوضاء منه إذا كان الوضوء لا ينقصه عن القلتين.

مسألة: قال: "وَلاَ بِدُهْن في عَظْمِ فيلٍ"

وهذا كما قال. قرئ هذا بثلاث قراءات بتشديد الدال والهاء، وبتشديد الدال وتخفيف الهاء، وبتخفيف الدال وتشديد الهاء والمعنى واحد، وأراد به أنه لا يستعمل دهن في عظم فيل لنجاسته؛ لأن الفيل لا يؤكل لحمه. وقال مالك: إذا ذكيِّ الفيل فعظمه طاهر؛ لأن الفيل عنده مأكول. وإن مات فعظمه نجس؛ لأن العظم يحله الموت. قال النخعي: طهارة العاج خرطه، فإذا خرطا صار طاهراً.

وقال الليث: إذا طبخ حتى خرج دهنه كان طاهراً. وقال أبو حنيفة: لا ينجس كما قال في سائر العظام. واحتج الشافعي - رحمه الله - بكراهته من عمر - رضي الله عنه- لذلك، وهذه كراهة تحريم؛ لأن العاج هو ألطف من أن تعافه النفس حتى تكرهه كراهه تنزيه، إلا أنهم كانوا يعدلون عن لفظة التحريم إلى لفظة الكرامة احتراماً للشريعة؛ لأن الله تعالى قال: {ولا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وهَذَا حَرَامٌ} [النحل: ١١٦] [٣٧ ب/ ١] ويجوز أن يعبر عن التحريم بالكراهة، قال الله تعالى: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [الإسراء: ٣٨] أي محرماً. فإن قيل: روي أن في جهاز فاطمة -رضي الله عنها سوار من عاج؟ قيل: إنه كان من عظم بعير، وقيل: من زبل، وهو عظم سمكة في البحر وسمي عاجاً لبياضه.

فإذا نقرر هذا فلو اتخذ مشطاً لا يجوز أن يمشط به إذا كان أحدهما رطباً، فإن كان المشط والشعر مايتتين، قال في "البويطي": يكره الانتفاع في شيء تمسه يده، وإن كانت تمسه يابسة فلا تنجسه. وإن أراد أن يجعل فيه الدهن للاستصباح أو الاستعمال في غير أبدان المتعبدين، فالصحيح من المذهب أنه جائز.

<<  <  ج: ص:  >  >>