بل هذا غلط في المكان، ولو غلط في المكان بعرفة لم يجز، وأيضاً لا نأمن ذلك في القضاء إذ كل عام يتوهم مثله، وههنا لا يأمن الخطأ في القضاء.
وأما الثاني فكما أجاب بأحد القولين، فلا حجة فيه، واحتج بفصل آخر، فقال: وهذا القياس على ما عجز عنه المصلي في الصلاة من قيام وقعود وركوع وسجود وستر إن فرض الله كله ساقط عنه دون ما قدر عليه من الإيماء عرياناً، فإذا قدر من بعد لم يعد، فكذلك إذا عجز عن التوجه إلى عين القبلة كان عنه أسقط. وقوله دون ما قدم عليه من الإيماء عريان. يحتمل معنيين:
أحدهما: أن يكون المراد به أن العريان إذا لم يجد السترة لعورته صلى قاعداً بالإيماء، ولا يرفع مقعدته عن الأرض في السجود، لأن ذلك أستر له، وهو قادر على صلاته بالإيماء الذي هو أستر لعورته، فلا يسقط عنه ذلك، وهو أحد قولي الشافعي، وفيه قول آخر: يصلي كما يصلي المكتسي وكأن الأول اختيار المزني، ويحتمل أن يكون المراد به الاستثناء للتخصيص بالإعادة دون من عجز عن الركوع والسجود فيكون على هذا في النظم تقديم وتأخير فكأنه يقول: فرض الله كله ساقط عنه، فإذا قدر من بعد لم يعد ما قدر عليه من الإيماء عرياناً، فإنه يعيد عند وجود الثوب، وهذا لأنه ترك القيام مع القدرة عليه، وإنما يسقط عند الفرض بالعجز عنه في حال الصلاة، وعلى المعنى الأول لا يلزمه الإعادة.
والجواب عن هذا أن ذاك عجز، وهذا خطأ [٥٤ ب/ ٢] في الاجتهاد والأصول مفرقة بينهما، ألا ترى أن صلاة المستحاضة جائزة، ثم لو تحرى فصلى بالوضوء بماء نجس، ثم علم يلزمه الإعادة، فلذلك تقديم الصلاة على الوقت بعد الجمع يجوز، والخطأ فيه ليس بعذر. واحتج بفصل آخر، وهو قصة أهل قباء، فقال: وقد حولت القبلة وقد صلى أهل قباء ركعة إلى غير قبلة، ثم أتاهم آت، فأخبرهم أن القبلة قد حولت، فاستداروا وبنوا بعد تيقنهم أنهم صلوا إلى غير قبلة.
ووجه الاستدلال منه ما أشار إليه وهو قوله: ولو كان صواب عين القبلة المحول إليها فرضاً لما أجزأهم خلافه للجهل كما لا يجوز بغير ماء طاهر للجهل، ثم علم لا يجوز.
والجواب، أن أهل قباء لم يكونوا على خطأ بل كان شرعهم ذلك الأول ما لم