وذلك وإن كان الوقت باقياً، وهذا هو المذهب الصحيح. وقوله: أحببت أن يتم ويعيد اختصار من المزني. والشافعي رحمه الله قال: أتم وأحببت أن يعيد ومعنى ما نقل يستحب الجمع بين الإتمام والإعادة، فأما الإتمام بانفراده واجب بكل حالٍ، وإنما استحببنا ذلك لشروعه فيها قبل الخطاب، ويتفرع على هذا الصبي إذا صلى في أول الوقت وفرغ منها، ثم بلغ في آخر الوقت لا يلزمه الإعادة. وهذا ينافي الحقيقة على أصله أنه ليس للصبي صلاة شرعية، وعندنا له صلاة شرعية ويجوز أن يصلى خلفه الفرض والنفل.
وقال مالك رحمه الله مثل قوله، وهو رواية عن أحمد رحمه الله، واحتجوا بأنها تقع نافلة، فلا تجزي عن الفرض. قلنا: الصبي كان مأموراً بأداء الصلوات المشروعة في وقتها، ويطالب بأن ولو صلى بغير نية صلاة الوقت لم يسقط الأمر له بذلك، وإذا كان مأموراً بالصلاة بنية الوقت [٥٥ ب/ ٢] ينبغي أن يسقط عنه الفرض، وليس كسائر النوافل لأنها لا تؤدى بنية صلاة الوقت بخلاف هذه، ولأن من قدم العصر فصلاها في وقت الظهر جمعاً لا يمكن وصفها بالوجوب ويجزئه عن الفرض.
ومن أصحابنا من قال: أراد الشافعي رضي الله عنه إذا فرغ من الصلاة ولم يبق من وقتها ما يفعلها فيه، فأما إذا بقي قدر ما يفعلها فيه تلزمه الإعادة. وقال الاصطخري والمزني: لا نعرف هذا القول للشافعي، ولو كان هذا على ما ذكره هذا القائل لوجبت أن يلزمه الإعادة، وان لم يبق من الوقت ما يفعل فيه هذه الصلاة، لأن الشافعي يوجب الصلاة على المعذور بإدراك ركعة أو تكبيرة على اختلاف القولين.
وحكي عن ابن سريج: يتمها استحباباً ويعيدها واجباً، وكذلك إذا صلى في أول الوقت، ثم بلغ في آخره يعيدها واجباً. وذكر أبو حامد أنه رجع عنه إلى قول أبي إسحق في كتاب الانتصار. وهذا والذي قبله خلاف نصّ الشافعي، وقيل هل تلزمه الإعادة؟ قولان، لأن الشافعي قال: ولا يتبين أن عليه إعادة، وهذا تعليق القول. وقيل: القولان بناء على أنه إذا نوى الظهر ولم يقيد بالفرضية، هل يجوز؟ وجهان، وهذا غلط، لأن اللفظ يدل على أن وجوب الإعادة لم يبق عنده، ولا يدل على أن سقوط الإعادة لم يبق عنده، فمن المحال إحالة القولين على هذا اللفظ، وأما إذا بلغ الصبي في الصوم خرج ابن سريج رحمه الله فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: يتمه واجباً ويعيده استحباباً، وهو اختيار أبي إسحق.
والثاني، يتمه استحباباً ويعيده استحباباً، لأنه لم يدرك وقتاً يمكنه إيقاع الصوم فيه،