قال في الحاوي: وهذا كما قال: إذا ثبت وجوب المتعة للمفوضة فالكلام فيها يشتمل على فصلين:
أحدهما: في مفوضة لم يفرض لها مهر.
والثاني: في مفوضة قد فرض لها مهر.
فأما التي لم يفرض لها مهر فهي مستحقة المتعة والكلام في استحقاقها يشتمل على ثلاثة فصول:
أحدهما: فيما تجب به المتعة.
والثاني: في قدر المتعة.
والثالث: فيمن تعتبر به المتعة.
فأما الفصل الأول: وهو ما تجب به المتعة ففيه قولان:
أحدهما: وهو قوله في القديم: إنها تجب بالعقد لأن متعة المفوضة بدل من مهر غير المفوضة والمهر يجب بالعقد فكذلك المتعة.
والثاني: وهو قوله في الجديد: إنها تجب بالطلاق لا بالعقد وهذا أصح لأن حالها قبل الطلاق مترددة بين وجوب المهر أو المتعة فدل على أن بالطلاق وجبت المتعة ولأن الله تعالى قرن المتعة بالطلاق فدل على وجوبها بالطلاق. قال الله تعالى:{فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً}[الأحزاب:٢٨] ويكون على هذا القول في الكلام تقديم وتأخير وتقديره: فتعالين أسرحكن وأمتعكن. على القول الأول الكلام على نسقه ليس فيه تقديم ولا تأخير.
فصل:
وما قدر المتعة فهي إلى رأى الحاكم واجتهاده غير أن الشافعي استحسن في موضع من القديم أن يكون بقدر خادم وحكاه عن ابن عباس واستحسن فيما نقله المزني في هذا الموضع أن يكون بقدر ثلاثين درهماً. وحكاه عن ابن عمر وليس فيما ذكره تقدير لا تجوز الزيادة عليه ولا النقصان منه لاختلافه باختلاف العادات في أجناس وبلدانهم كالمهر الذي لا ينحصر بقدر ما وجب ولم ينحصر بمقدار شرعي كان تقديره معتبراً باجتهاد الحاكم.
وقال أبو حنيفة: هي مقدرة بنصف مهر المثل ولا يجوز أن يكون أقل من خمسة