دراهم لأنه نصف أقل ما يكون مهرًا عنده وهذا فاسد لأنه التحديد بنصف المهر إن لم يوجد شرعًا فليس في الاجتهاد ما يقتضيه ولا نجعله بالنصف أخص منه بالثلث أو الربع فإن قيل: لأن غير المدخول بها تستحق نصف الصداق.
قلنا: فقد أوجبت الصداق أو أسقط المتعة.
وفي إجماعنا على إيجاب المتعة وإسقاط الصداق دليل على الفرق بين المتعة والصداق
وليس ما استحسنه الشافعي من قدر ثلاثين درهمًا قولًا بالاستحسان الذي ذهب إليه أبو حنيفة ومنع منه الشافعي لأنه قرنه بدليل وهو يمنع من استحسان بغير دليل.
فصل:
وأما من تعتبر به المتعة ففيه لأصحابنا وجهان:
أحدهما: تعتبر بحال الزوج وحده في يساره وإعساره كالنفقة لقوله تعالى: {عَلَى المُوسِعِ قَدَرُهُ وعَلَى المُقْتِرِ قَدَرُهُ} [البقرة: ٢٣٦] كما قال في النفقة {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ومَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} [الطلاق: ٧].
فعلى هذا يكون تأويل قول الشافعي:" وما رأى الولي بقدر الزوجين" يعني: الزوج الموسر والزوج المعسر.
والثاني: تعتبر بها حال الزوجين على ظاهر كلامه فتعتبر حال الزوج في يساره وإعساره وتعتبر بها حال الزوجة واختلف أصحابنا فيما نعتبره من حال الزوجة على وجهين:
أحدهما: أنه يعتبر سنها ونسبها وجمالها كما يعتبر في مهر المثل.
والثاني: أنه يعتبرها حال قماشها وجهازها في قلته وكثرته لأنها عوض من أخلاقه ومؤنة نقله.
وهذا وجه مردود لأنه ليس الجهاز مقصودًا فيعتبر ولو اعتبر في المتعة لكان اعتبره في المهر أحق ولوجب أن لا يكون متعة لمن لا جهاز لها.
فصل:
وأما المفوضة التي فرض لها مهر وذلك قد يكون بأحد وجهين:
إما بأن يتراضى الزوجان بفرضه وتقديره على ما سنذكره وإما بأن يفرضه الحاكم فيصير بالفرض بعد التفويض كالمسمى في العقد فإن طلقها قبل الدخول فلها نصف المفروض دون المتعة.
وقال أبو حنيفة: يبطل المفروض قبل الدخول ويثبت حكم في وجوب المتعة التي لم يفرض لها مهر بناء على أصله في أن المفوضة وجب لها بالعقد مهر وسقط بالطلاق واستدلالًا: بأنه نكاح خلا عن ذكر مهر فوجب أن يستحق فيه بالطلاق.