ودليلنا قول الله تعالى:{وإن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}[البقرة:٢٣٧]. فكان قوله:{وقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً}[البقرة: ٢٣٧] على عموم الحالين فيما فرض في العقد أو بعد العقد وإن كان بالمفروض بعد العقد أشبه فجعل الله تعالى له استرجاع نصفه.
وأبو حنيفة يوجب استرجاع جميعه فكان قوله مدفوعًا بالنصف. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "أدوا العلائق" قيل: وما العلائق؟ قال:" ما ترادي به الأهلون" فكان على عموم التراضي في حال العقد وبعده.
ومن طريق القياس: أنه فرض يستقر بالدخول فوجب أن لا يسقط بالطلاق قبل الدخول كالمسمى في العقد ولأن هذا المفروض بمنزلة المسمى في استقراره بالموت فوجب أن يكون بمنزلته في الطلاق قبل الدخول. فأما بناء أبي حنيفة ذلك على أصله فمخالف فيه.
وأما قياسه: فالمعنى في المفوضة أنه لا يجب بالموت مفروض وتستحق المطالبة بفرض المهر وهذه يجب لها المفروض بالموت ولا تستحق المطالبة بالفرض فصار كالمسمى، والله أعلم
قال في الحاوي: أما المفوضة إذا مات عنها زوجها قبل الدخول أو ماتت فإنهما يتوارثان بالإجماع لقول الله تعالى: {ولَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ}[النساء:١٢] وهما زوجان لصحة النكاح بينهما.
فأما مهر مثلها: فقد اختلف قول الشافعي في استحقاقه بالموت قبل الدخول على قولين:
أحدهما: وهو مذهب أبي حنيفة أن لها مهر المثل وهو في الصحابة قول عبد الله بن مسعود وفي التابعين: قول علقمة والشعبي وفي الفقهاء: قول ابن أبي ليلى وسفيان الثوري وابن شبرمة وأحمد وإسحاق.