وهو في الصحابة قول علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وزيد بن ثابت رضي الله عنهم.
وفي التابعين: قول جابر بن زيد والزهري وعطاء ومن الفقهاء: قول ربيعة والاوزاعي.
ودليل القول الأول: وهو مذهب أبي حنيفة: حديث بروع بنت واشق: روى قتادة عن خلاس وأبي حسان عن عبد الله بن عتبة بن مسعود، أن رجلًا تزوج امرأة فلم يسم لها صداقًا ولم يدخل بها حتى مات فأتى عبد الله بن مسعود وكان قاضيًا فاختلفوا إليه مراوًا، وقال شهرًا. فقال: إن كان ولابد فإني أفرض لها مهر نسائها لا وكس ولا شطط ولها الميراث وعليها العدة إن يكن صوابًا فمن الله وان يكن خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه، فقال ناس من أشجع: فيهم الجراح أبو سنان نشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضاها فينا في بروع بنت واشق وكان زوجها هلال بن مرة الأشجعي بما قضيت. وهذا حديث إن صح في بروع لم يجز خلافه.
ومن طريق القياس: أنه ما استقر به كمال المسمى استحق به مهر المثل في المفوضة كالدخول ولأن ما أوجبه عقد النكاح بالدخول أوجبه بالوفاة كالمسمى ولأنه أحد موجبي الدخول فوجب أن يستحق بالوفاة كالعدة.
ودليل القول الثاني: وهو الأصح.
إن لم يثبت حديث بروع ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"أدوا العلائق "قيل: وما العلائق؟ قال:"ما تراضى به الأهلون" فدل على أن المستحق بالعقد ما تراضى به الأهلون دون غيره.
ومن طريق القياس: أنه فراق مفوضة قبل فرض وإصابة فلم يستحق به مهر كالطلاق ولأن الموت سبب يقع به الفرقة فلم يجب به المهر كالرضاع والردة ولأن من لم ينتصف صداقها بالطلاق لم يستفد بالموت جميع الصداق كالمبرئة لزوجها من صداقها ولأن كل ما لم ينتصف بالطلاق لم يتكمل بالموت كالزيادة على مهر المثل.
فأما حديث بروع فقد اختلف في ثبوته فذهب قوله إلى ضعفه وأنه مضطرب غير ثابت من ثلاثة أوجه:
أحدهما: اضطراب طرقه؛ لأنه روى تارة عن ناس من أشجع وهم مجاهيل، وتارة عن معقل بن يسار، وتارة عن معقل بن سنان، وتارة عن الجراح بن سنان. فدل اضطراب طرقه على وهائه.