ينوي ابتداء النية مع ابتداء التكبير وانتهائها مع انتهائه، لأن الشافعي رحمه الله، قال:(لا قبله ولا بعده)، وهذا لا يصحّ، لأن النية ليست شيئًا يمتد حتى لو فعل [٥٩ ب/ ٢] هكذا، بطلت صلاته. والأصح أن يأتي بجميع النية قبل التكبير ويستصحبها حتى يفرغ من التكبير، لأنه إنما يصير داخلًا في الصلاة بالفراغ من التكبير، وهذا صحيح موافق لما ذكرناه.
فَرْعٌ آخرُ
لو تراخى بعض النية عن آخر حرٍف من حروف التكبير لم تجز صلاته، ولو نوى بعض النية قبل التكبير وأتمها مع التكبير لم تجز أيضًا، ولو نوى كلها قبل التكبير وكلها مع التكبير يجوز.
فَرْعٌ آخرُ
إذا نوى على ما ذكرنا لا يلزمه استصحاب ذكرها إلى آخر الصلاة ولو عزبت نيته جازت صلاته لأنا لو كلفناه. ذكرها إلى آخرها أّدى إلى المشقة ويلزمه استصحاب حكمها حتى لا يغيرها، فإن َغيرها ُنِظر، فإن اعتقد أنه يقطعها أو أنه سيقطعها قبل الفراغ منها أو تفكر على أن يقطعها أم لا؟ بطلت صلاته، لأنه زالت نيته عن الُمضَّي فيها، فأشبه إذا سلم ونوى الخروج.
وحكي عن أبي حنيفة رحمه الله لا تبطل قياسًا على الحّج، وهذا غلط، لأن الحج لا يقبل القطع بخلاف الصلاة، ولو قال: سأخرج إن لقيت فلانًا هل تبطل صلاته في الحال؟ وجهان، وقيل: وجه واحٌد لا تبطل.
فَرْعٌ آخرُ
لو نوى في الابتداء مثل هذا لم تنعقد صلاته خلافًا لأبي حنيفة، وهذا لأنه لم يقطع النية الواجبة عليه.
فَرْعٌ آخرُ
لو شك هل نوى الخروج منها أم لا؟ ُنِظر فإن تذكر في الحال مضى في صلاته، وإن تذّكر بعد ما انتقل من ركٍن إلى ركٍن بعد الشك بطلت صلاته لأن العمل الذي يأتي به في حال الشك لا يحسب، ولو شاك هل دخلها بنية صحيحة أم لا؟ فإن ذكر قبل أن ُيْحِدث عملًا جاز، والعمل مثل القراءة، أو الركوع أو السجود، وإن ذكر بعد أن طال الأمر، وبعد أن عمل شيئًا من هذا بطلت صلاته، فإن قيل: وإن لم يعمل عملًا فهو متلبٌس بالصلاة، وقد مضى جزء منها مع الشك في النية فوجب أن تبطل، قلنا: ذلك الجزء لو حلّت منه الصلاة لجاز بخلاف الأفعال التي ذكرناها، فعفي عن الشك فيه.
فإن قيل: َأَلْيَس لو شّك المسافر أنه نوى القصر أو الإتمام وطال الفصل، ثم تذّكر [٦٠ أ/ ٢] فصلاته جائٌزة، ويلزمه الإتماُم، وإن تذّكر في الحال، يلزمه الإتمام أيضًا، فما الفرق؟ قلنا: الفرق أن ما مضى في حال الشّك محسوب من صلاته، ولكن إتمامًا لا قصرًا، وإذا لزم الإتمام في جزء لزم في الكل كما لو نوى الإتمام قبيل التسليم،