والدليل على ما ذهب إليه الشافعي من وجوب الإجابة ما روى نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من دعي إلى وليمة فلم يجب فلقد عصى الله ورسوله ومن جاءها بغير دعوة دخل سارقًا وخرج مغيرًا".
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"أجيبوا الداع فإنه ملهوف".
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لو أهدي إليَّ ذراع لقبلت ولو دعيت إلى كراع لأجبت".
وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"شر الطعام الولائم يدعى إليه الأغنياء ويحرمه الفقراء والمساكين".
ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله.
ولأن في الإجابة تآلفًا وفي تركها ضررًا وتقاطعًا.
فصل:
فإذا ثبت أنها واجبة فسواء قيل إن فعلها واجب أو مستحب في وجوب الإجابة إليها لأن رد السلام واجب وإن كان ابتداء السلام غير واجب وهل يكون وجوبها من فروض الأعيان أو من فروض الكفاية على وجهين:
أحدهما: أنها فرض على كل من دعي إليها أنه يجيب ما لم يكن معذورًا بالتأخير لما قدمناه من الدليل.
والثاني: أنها فروض الكفاية فإن أجاب من دعي من تقع به الكفاية سقط وجوبها عن الباقين وإلا خرجوا أجمعين لأن المقصود من الوليمة ظهورها وانتشارها ليقع الفرق فيها بين النكاح والسفاح فإن وجد مقصودها بمن خص سقط وجوبها عمن تأخر.
فصل:
وإذا كانت الإجابة واجبة على ما وصفنا فلوجوبها شروط تعبير من الداعي والمدعو فأما الشروط المعتبرة في الداعي فستة شروط:
أحدها: أن يكون بالغًا يصح منه الإذن والتصرف في ماله فإن كان غير بالغ لم تلزم إجابته ولم يجز أيضًا لبطلان إذنه ورد تصرفه.
والثاني: أن يكون عاقلًا لأن المجنون لفقد تمييزه أسوأ حالًا من الصغير في فساد إذنه ورد تصرفه.