والثالث: أن يكون رشيدا يجوز تصرفه في ماله فإن كان محجوراً عليه لم تلزم إجابته فلو أذن له وليه لم تلزم إجابته أيضًا لأن وليه مندوب لحفظ ماله لا لإتلافه.
والرابع: أن يكون حوا لأن العبد لا يجوز تصرفه فلم تلزم إجابته لفساد إذنه فلو أذن له سيده صار كالحر في لزوم إجابته.
والخامس: أن يكون مسلما تلزم موالاته في الدين فإن كان الداعي ذمياً لمسلم ففي لزوم إجابته وجهان:
أحدهما: يجب لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أحيبوا الداعي فإنه ملهوف".
والثاني: لا تلزم إجابته لأنه ربما كان مستخبث الطعام محرماً.
ولأن نفس المسلم تعاف كل طعامه وأن مقصود الطعام التواصل به واختلاف الدين يمنع من تواصلهما فإن دعا مسلم ذميا لم تلزمه الإجابة وجهاً واحداً لأنه لا يلتزم أحكام شرعناً إلا عن تراض.
والسادس: أن يصرح بالدعاء إما بقول أو مكاتبة أو مراسلة لأن العرف بجميع ذلك جار وصريح الدعاء أن يقول: أسألك الحضور أو يقول: أحب أن تحضر أو إن رأيت أن تجملني بالحضور فتلزمه إجابته بهذا القول كله. فأما إن قال إن شئت أن تحضر فافعل لم تلزمه إجابته قال الشافعي: "وما أحب أن يجيب".
فإن كاتبه رفعة يسأله الحضور بأحد ما ذكرنا من الألفاظ لزمه الإجابة فإن نقصه في الخطاب لم يكن ذلك عذراً في التأخير وكذلك لو كان بينهما عداوة أو كان في الوليمة عدو لم يكن معذورا في التأخير وأن وأسله برسول وقع في نفسه وصدقه لزمته الإجابة سواء كان حراً أو عبداً فإن كان غير بالغ نظر فيه فإن كان مميزاً لزمته الإجابة بوروده في الرسالة وإن كان غير مميز لم يلزم لأنه لا يحصل ما يقول ولا العادة جاوية أن يكون مثله رسولاً فإن قال الداعي لرسوله: ادع من رأيت من غير أن يعين له على أحد لم يلزم من دعاه الرسول أن يجيب لأنه قد يرى أن يدعو من غيره أحب إلى صاحب الطعام.
فصل:
وأما الشروط التي في المدعو فخمسة شروط:
أحدهما: البلوغ.
والثاني: العقل ليكون بالبلوغ والعقل ممن يتوجه عليه حكم الالتزام.
والثالث: الحرية لأن العبد ممنوع من التصرف بحق السيد فإن أذن له سيده لزمته الإجابة حينئذ وان كان مكاتباً نظر فإن لم يكن حضوره مضراً بكسبه لزمته الإجابة وان كان مضرا لم تلزمه الإجابة إن لم يأذن له السيد وفي لزومها بإذنه وجهان فأما المحجور عليه بالسفه فتلزمه الإجابة كالرشيد.
والرابع: أن يكون مسلما فإن كان ذميا والداعي مسلم فقد ذكرنا أن الإجابة لا تلزمه