أحدها: أن يكون قاهرًا على ما ذكرنا. والثاني: أن يغلب في النفس بالأمارات الظاهرة أن سيفعل ما يتوعد به إن لم يجب. والثالث: أن يكون بظلم ويعتبر في المكره ثلاثة شروط أحدها: أن لا يقدر على دفع الإكراه عن نفسه لا بالذبّ من المكره، والثاني: أن يعلم إن خوّف المكره بالله تعالى لم يخف لبغيه. والثالث: أن لا يكون له ناصر يمنع منه ولا يمتنع بكفه عنه، فإن عدم أحدها لا يكون مكرهًا، قال: والإكراه ادخال الضرر البين على المكره، وذلك يكون من أحد سبعة أوجه، أحدها: القتل وهو الأعظم، والثاني: الجرح إما بقع طرفٍ أو إنهار دم فهو إكراه [٢٤/ ب] للألم وربما يسري إلى النفس، والثالث: الضرب يكون إكراهًا لألمه وضرره إلا أن يكون في قوم أهل الشطارة والصعلكة الذين يتفاخرون بالصبر على الضرب فلا يكون إكراهًا في أمثالهم. والرابع: الحبس. والخامس: أخذ المال. والسادس: النفي عن بلده، والسابع: السب والاستخفاف.
فرع آخر
قال: لو هدد بقتل غيره فإن كان بينهما بعضية كالوالدين وإن علوا والمولودين وإن سفلوا، كان إكراهًا لأن البعضية تقتضي التمازج في الأحكام. وقال القاضي الطبري: لو هدده بإدخال الضرر على ولده فهو كنفسه، وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه وجهان، وليس شيء، وإن كان من غير ذي رحم محرم كبني الأعمام والجار والصديق لا يكون إكراهًا لأن بين جميع الناس تناسبًا بعيدًا، وإن كان ذا رحم محرمٍ كالإخوة والأعمام والعمات فهل يكون التهديد بقتلهم إكراهًا؟ وجهان، أحدهما: لا يكون إكراهًا لعدم البعضية. والثاني: يكون إكراهًا لوجود المحرمية كالوالدين.
فرع آخر
قال: لو هدده بطول الحبس كان إكراهًا، وإن كان قصير الزمان كاليوم ونحوه لا يكون إكراهًا لقربه وقلة ضرره، وإن كان لا يعلم طوله ولا قصره كان إكراهًا لأن الظاهر من المحبوس على شيء أنه لا يطلق إلا بعد فعله وحكم القيد إذا هدد به حكم الحبس لأنه أحد المانعين من التصرف.
فرع آخر
قال: إذا خوف بأخذ المال ينظر فإن كان كثيرًا يؤثر أخذه في حاله كان إكراهًا وإن كان قليلًا لا يؤثر في حاله لا يكون إكراهًا، وإن كان كثيرًا إلا أنه لا يؤثر في حاله لسعة ماله فيه وجهان، أحدهما: يكون إكراهًا لقدر المال للنفوس به، والثاني: لا يكون إكراهًا اعتبارًا [٢٥/ أ] بحاله التي لا يؤثر المأخوذ فيها، وقال الماسرجسي: لو قيل لغني: افعل كذا وإلا أخذت منك خمسة دراهم لا يكون إكراهًا.
فرع آخر
لو أكرهه بالنفي عن بلده فإن كان ذا ولد وأهل ومالٍ لا يقدر على نقله معه كان