إكراهاً، وإن قدر على نقلها ومكن منها فيه وجهان، أحدهما: لا يكون إكراهًا لتساوي البلاد كلها في مقامه فيما شاء منها، والثاني: يكون إكراهًا لأن النفي يكون عقوبةً كالحد وفيه مشقة شديدة.
فرع آخر
قال: السبّ والاستخفاف إن كان من عامة الناس وسفلتهم الذين لا يتناكرون ذلك فيما بينهم ولا ينقص جاههم لا يكون إكراهًا فيهم، وإن كان من ذوي الصيانات وذوي المروءات فيه وجهان، أحدهما: يكون إكراهًا لما يلحقهم من وهن الجاه وألم القلب. والثاني: لا يكون إكراهًا لأن الناس علموا أنه مظلوم به، قال: والأصح عندي أنه ينظر في حال الإنسان فإن كان من أهل الدنيا وطالبي الرتبة فيها كان ذلك إكراهًا في مثله لأنه ينقص ذلك من جاهه بين نظرائه، وإن كان من أهل الآخرة وذوي الزهادة في الدنيا لم يك ذلك إكراهًا في مثله، لأنه لا ينقص ذلك من جاهه بين نظرائه، بل ربما كان أعلا لذكره مع كثرة ثوابه، هذا مالك بن أنس رحمه الله جرد السياط فيما كان يفتي به من سقوط يمين المكره فكأنما كان خليًا خُلّيَ به في الناس.
فرع آخر
ينظر في المكره فإن تلفظ به غير قاصد للفظه ولا مريد لإيقاعه لم يقع، وإن قصد لفظه وأراد إيقاعه يقع، وإن قصد لفظه ولا يريد إيقاعه فيه وجهان، أحدهما: لا يقع لفقد الإرادة في الوقوع. والثاني: يقع لقصده لفظه والمختار إذا تلفظ به ولم يرد [٢٥/ ب] وقوعه وقع.
فرع آخر
طلاق الهازل وعتقه نافذ بلا خلاف لأنه اختار لفظ، وإن لم يختر حكمه وصورته أن يقول لزوجته: طلقتك ظنها أجنبية ونحو ذلك وهذا لقوله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد الطلاق والعتاق والنكاح" وروى أبو هريرة "النكاح والطلاق والرجعة".
فرع آخر
لا يقع طلاق المغلوب على عقله من المجنون والنائم والمغمى عليه، ولا يقع طلاق الصبيّ لقوله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاث عن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى ينتبه، وقال علي رضي الله عنه: كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه