إذا قلنا: ترثه فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: ترثه ما دامت في العدة فإذا انقضت لم ترث, وبه قال أبو حنيفة [٤٤/ أ] والاوزاعي والليث وأحمد في رواية وهذا لأنه إذا لم تكن في عدة لم يبق النكاح ولا علقه من علقه فلا معنى للميراث, وقال عمر رضي الله عنه: ترثه في العدة ولا يرثها. وروي في حديث تماضر أن عبد الرحمن بن عوف مات وهي في عدتها, وروي أبو سلمة بن عبد الرحمن أنه ورثها عثمان بعد انقضاء عدتها. والثاني: أنها ترث ما لم تتزوج وبه قال أحمد في الرواية وابن أبي ليلى وقد روي عن أبي بن كعب أنه قال: والذي يطلق وهو مريض لا يزال مورثها حتى يبرأ أو تتزوج ولأنها لم تتزوج فالتهمة لاحقه بالزوج, فإذا تزوجت تبينًا أنها رضيت بذلك وخرج هو عن التهمة. والثالث: أنها ترث أبدًا وبه قال مالك وربيعة لأن الفرقة هي السبب القاطع للميراث فإذا لم ينقطع بها الإرث لم ينقطع فيما بعد فعلى هذا القول والذي قبله لو كان الطلاق قبل الدخول بها ورثت وعلى القول الثالث يتصور أن ترث المرأة من زوجين وثلاثة وعلى القولين الأولين لا ترث إلا من زوج واحد.
فرع آخر
لو طلق في مرضه أربع زوجات له وتزوج بأربع سواهن صح النكاح, فإن قلنا: إن المطلقات يرثن قال الماسرجسي: فيه وجهان, أحدهما: يكون الربع أو الثمن بين جميع المطلقات والزوجات يشتركن فيه وهو الصحيح لأن كل واحدة منهن ترث بالإنفراد, فإذا اجتمعن ورثن كالأربع, والثاني: أنه للأربع الأوائل المطلقات دون المتزوجات لأن حقهن أسبق, وقال أبو حامد: فيه ثلاثة أوجه وقيل ثلاثة أقاويل. والثالث: أنه للمتزوجات دون المبتوتات لأن ميراثهن بالنص والشرع منع توريث الزيادة على الأربع وهذا اختيار القفال وهذا ضعيف [٤٤/ ٤] لأن الشرع منع نكاح الزيادة على الأربع فأما إرث المطلقات فقد ثبت بإجماع الصحابة فلا يسقط نكاح غيرهن ولو يرد الشرع بمنع الزيادة على الأربع من الميراث.
فرع آخر
لو أقر في مرضه أنه طلقها ثلاثًا في صحته ومات من ذلك المرض لم ترثه على القولين لأن المريض إذا أقر بما فعله في حال الصحة كان بمنزلة ما فعله في حال صحته. ألا ترى أنه لو أقر في مرضه أنه وهبه في صحته وأقبضه كان من رأس المال؟ ومن أصحابنا من قال: فيه قولان أيضًا كما لو طلقها في مرضه لأن التهمة موجودة والأول أصح نص عليه في "الأم" وبه قال أبو إسحاق وهو قول أبو حنيفة وهو كما