قال أبو حنيفة رحمه الله: لو أقر في مرضه أنه كان طلقها في الصحة ثم أوصى لها ومات فإن لها أقل الأمرين من الوصية أو الميراث لأنه متهم إذا كانت الوصية أكثر وكان أخرجها من الميراث لتصح الوصية لها, وإذا كان الميراث أكثر فلا تهمة وهي وصية لغير وارث.
قال القفال: وينبغي أن يكون مذهبنا هكذا, وقال بعض أصحابنا بخراسان: والأقيس أن لها الوصية بالغةً ما بلغت إذا خرجت من الثلث وهو اختيار شيخنا ناصر وبه قال أبو يوسف ومحمد.
فرع آخر
لو قال: أنت طالق إن شئت فشاءت وقع الطلاق ولا ترثه قولاً واحدًا وبه قال أبو حنيفة رحمه الله: لأنه غير متهم في طلاقها لقطع ميراثها, وقال ابن أبي هريرة من أصحابنا: ترث وبه قال مالك وأحمد في رواية. وهكذا الخلاف لو سألته الطلاق فأجابها إليه أو خالعها واحتجوا بأن ميراثها ثبت بقصة [٤٥/ أ] عبد الرحمن وامرأته سألته الطلاق وهذا غلط لأنه لم يطلقها عبد الرحمن بن عوف عقيب سؤالها. وقد روي أنها سألته الطلاق فقال: إذا حصنت ثم طهرت طلقها, وإذا تأخر لم يكن جوابًا بل كان طلاقًا مبتدأ ولأن تماضر أخذت المال صلحًا لا إرثًا ولو سألته أن يطلقها طلقةً فطلقها ثلاثًا لأنها لم تسأله طلاقًا يقطع ميراثها في الحال.
فرع آخر
لو علق طلاقها بصفة نظر فإن كانت صفة لها منها يد كقوله إن مشيت أو خرجت من الدار أو إن صليت التطوع أو إن صمت التطوع ونحو هذا لم ترث قولاً واحدًا. وإن كانت صفة لابد لها منه مثل قوله إن قمت أو قعدت أو أكلت أو شربت أو كانت صفة تحرم عليها تركها كقوله: إن صليت الفرص, أو إن صمت الفرض فهو على القولين لأن عليها ضررًا في ترك هذه الأشياء شرعًا وطبعًا.
فرع آخر
قال في "الحاوي": لو علق طلاقها بما لابد لها من الأكل والشرب على ما ذكرنا ففعلته قبل وقت الحاجة فيه وجهان, أحدهما: يجري عليها حكم الاختيار اعتبارًا