القول قوله بكل حالٍ، والثالث: يجمع من قوليهما فيقبل قوله في الرجعة وقولها في انقضاء العدة ولا يعتبر السبق بالدعوى، وقال بعض أصحابنا: فيه ثلاثة طرق، أحدها: وهو اختيار القاضي الطبري والقاضي أبي حامد فيه قولان، والأصح أن القول قولها لأن إقامة البينة على انقضاء العدة متعددة وعلى الرجعة ممكنة، والثاني: ما قاله ابن سريج وأبو إسحاق، والثالث: أشار إليه المزني واختاره الداركي أنهما إن اتفقا في وقت انقضاء العدة واختلفا في وقت الرجعة كأن قال: راجعتك في شعبان وانقضت عدتك في رمضان وقالت: انقضت عدتي في رمضان وراجعتني في شوال فالقول قول الزوج لأن اختلافهما في الرجعة دون العدة والرجعة من فعله فيقول والله لقد راجعتك قبل انقضاء عدتك وتكون يمينه على القطع لأنها يمين إثباتٍ [٨٣/ أ] وإن اتفقا على وقت الرجعة واختلفا في انقضاء العدة كأنها قالت: انقضت عدتي في شعبان وراجعتني في رمضان فقال الزوج: راجعتك في رمضان وانقضت عدتك في شوال فالقول قول الزوجة مع يمينها لأنه خلاف في انقضاء العدة لا في وقت الرجعة.
فرع آخر
إذا قلنا: القول قولها فأقرت بعد ذلك بالرجعة قبل إقرارها وكانت زوجة له كمن أقر بعدما جحد يقبل إقراره فإن قيل: ما الفرق بين هذا وبين ما لو أقرت برضاع بينها وبين رجل ثم نكحته لا يجوز، وإن رجعت عن إقرارها وكذلك نص الشافعي في "الإملاء" على أنه لو زوجها أخوها فادعت أنها ما أذنت فيه فالقول قولها وبطل النكاح، فلو رجعت وأقرت بأنها كانت قد أذنت لم يحل له إلا بنكاح جديدٍ، قلنا: الفرق أنها لا تقر برضاع إلا عن علم وأصل فلا يقبل تكذبها نفسها وهاهنا ينكر رجعته على ظاهر بحال وتنفي فعل الغير فيجوز أن يثبت عندها فعله فتقر به ولأن ذلك تحريم مؤبد وهاهنا قد له بعقدٍ فجاز إن تقدم بثبوت الرجعة فنصدقها وهذا ضعيف والفرق الأول أولى، وأما المسألة الثانية: فالفرق أنه ليس هناك نكاح يستند إليه إقرارها بعد إنكارها وهاهنا نكاح ثابت تستند إليه الرجعة والأصل بقاء ذلك النكاح فبان الفرق بينهما، ولو ادعت أنه طلقها فنكل عن اليمين فردت اليمين إليها فحلفت ثم كذبت نفسها لا يقبل وإن احتمل لأنه استند قولها أي ثبت باليمين.
فرع آخر
لو قالا: نعلم وجود الرجعة وإقرارها بانقضاء العدة ولا نعلم أيهما أسبق قال القفال: الأصل بناء العدة وثبوت الرجعة وهذا عندي صحيح على قياس [٨٣/ ب] قول أبي إسحاق، فأما على ظاهر المذهب ينبغي أن يكون القول قولها لأن الأصل بناء التحريم وأن لا رجعة.