إذا طلقها طلاقًا رجعيًا ومضت مدة يمكن انقضاء عدتها فيه فقال لها: ارتجعتك اليوم وقالت هي: قد انقضت عدتي أمس قال الشافعي: فمتى الرجعة؟ في "الأم" ونقله المزني [٨٢/ أ] القول قولها، وقال المزني: إذا لم يقرا معًا بانقضاء العدة حتى ارتجع فقد صارت امرأته فلا أقبل قولها عليه، واختلف أصحابنا في هذا، فقال ابن سريج وأبو إسحاق: وهو اختيار أبي حامدٍ في هذا ثلاث مسائل، أحدها: أن تسبق هي الإخبار فتقول: قد انقضت عدتي اليوم فقال وأنا راجعتك أمس فالقول قولها لأنها مؤمنة فيما أخبرت فإذا أخبرت، حكمنا بانقضائها وأنها بانت، وقوله قد كنت راجعتك أمس خلاف الظاهر فلا يقبل قوله عليها ويحلف لأن ما يدعيه الزوج ممكن، والثانية: أن يسبق هو فقال: راجعتك اليوم فقالت: انقضت عدتي أمس فالقول قوله كما قاله المزني لأنه لما راجعها حصلت زوجته في الظاهر وقولها قد كانت انقضت عدتي أمس خلاف الظاهر فلا يقبل قولها، قال الماسرجسي: هذا هو المذهب الصحيح، فإن رأيتم للشافعي قولًا يخالف هذا فهو مطلق متاؤلٌ على ما ذكرناه وهذا كما لو بدأ الوكيل فقال: بعت السلعة بوكالتك وقال الموكل: فسخت وكالتك قبل بيعك فالقول قول الوكيل، وإن سبق الموكل فقال: فسخت وكالتك وقال الوكيل: بعت قبل فسخك فالقول قول الموكل. والثالثة: أن يقول: قد راجعتك وقالت في زمان هذا القول منه قد انقضت عدتي فوقع إخبارها ومراجعته في وقت معًا أو قالت: انقضت عدتي فقال الزوج جوابًا لها: قد راجعتك قبل انقضاء عدتك أو قال: راجعتك في عدتك فقالت مجيبة له: قد انقضت عدتي قبل رجعتك فيكون في حكم الدعوى سواء ولا يقوى قول من سبق منهما بالدعوى إذا أجيبت بالإنكار لأن حكم قوله لم يستقر، وإذا كانا كذلك فصار فيه مستويين فالقول حينئذٍ [٨٢/ ب] على هذا قول الزوجة دون الزوج لأنها جاز به في فسخ وقولها في حيضتها مقبول، وذكر القفال مثل هذا وقال: إذا قال: راجعتك قبل انقضاء عدتك فقالت ارتجالًا من غير فصل انقضت عدتي قبل مراجعتك يجعل كأنهما وقعا معًا ويجعل كأن عدتها انقضت قبيل إخبارها والحكم ما ذكرنا.
ومن أصحابنا من قال: إذا كانا معًا يقرع بينهما فإن خرجت القرعة له فالقول قوله مع يمينه، وإن خرجت القرعة لها فالقول قولها مع يمينها لأنهما استويا في الدعوى فلا تمييز إلا بالقرعة وهذا ليس بشيء، وقال ابن أبي هريرة: ما قاله أبو إسحاق لا يصح لأن ظاهر كلام الشافعي في المختصر بخلافه لأن الزوج سبق بالرجعة وجعل القول قولها ثم قال مرةً أخرى: فيه ثلاثة أوجه، أحدها: القول قولها بكل حالٍ، والثاني: